ومن خطبة له # في الاستسقاء:
  وروينا أنه # لما فتح البصرة صلى بالناس الظهر، ثم التفت إليهم فقال:
  سلوا، فقام إليه رجل فقال: والله ما قسمت بيننا بالسوية إذ تقسم بيننا ما حوى عسكرهم، وتدع أبناءهم ونساءهم؟ فقال علي #: إن كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف، ثم قال #: ويحك إنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير، وقد اجتمع أبواه على رشده، وولد على الفطرة، ولكنا نربيه من الفيء، ونتأنى به الكبر، فإن عدا علينا أخذناه بذنبه، وإن لم يعد لم نأخذه بذنب غيره، ويحك أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها، وأن دار الهجرة يحرم ما فيها.
  وروينا عن السيد أبي طالب # فيما رواه أن عقيلا ¥ كتب إلى أمير المؤمنين # لعبد الله أمير المؤمنين من عقيل سلام عليك أما بعد:
  فإن الله جارك من كل سوء، وعاصمك من كل مكروه، أعلمك أني خرجت معتمرا، فلقيت عبد الله بن أبي سرح في نحو من أربعين راكبا من أبناء الطلقاء مصدرين ركابهم من قديد، فقلت لهم - وعرفت المنكر في وجوههم -: أين يا أبناء الطلقاء، أبا الشام تلحقون عداوة تريدون بها إطفاء نور الله وتغيير أمره؟
  فأسمعني القوم وأسمعتهم، فسمعتهم يقولون: إن الضحاك بن قيس الفهري أغار على الحيرة، وأصاب من أموال أهلها ما شاء ثم انكفأ راجعا، فافّ لحياة في دهر جرّ عليك ما أرى، وما الضحاك إلا فقع بقرقر(١)، وقد ظننت حين بلغني ذلك أن أنصارك خذلوك، فاكتب إليّ يا ابن أبي برأيك وأمرك، فإن كنت الموت تريد تحملت إليك ببني أخيك وولد أبيك، فعشنا معك ما عشت، ومتنا معك ما مت، فوالله ما أحب أن أبقى بعدك فواقا، وأيم الله الأعز الأجل إنّ عيشا أعيشه في هذه الدنيا لغير هنيء ولا مريء والسلام.
  فأجابه علي # أما بعد: فكلأك الله كلاءة من يخشاه بالغيب إنه حميد مجيد، قدم عليّ عبيد الله بن عبد الرحمن الأزدي بكتابك، تذكر أنك لقيت ابن
(١) مثل يقال للذليل «أذل من فقع بقرقر» والفقع: نبتة بيضاء من الكمأة لا أصل له ولا فرع توطأ بالأرجل. والقرقر: القاع الأملس. قاموس مادة فقع ص ٩٦٦، ومادة قرقر ص ٥٩٣.