الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن خطبة له # في الاستسقاء:

صفحة 127 - الجزء 1

  أبي سرح في نحو من أربعين راكبا متوجهين إلى المغرب، وإن ابن أبي سرح طال والله ما كاد الإسلام، وضلّ عن كتاب الله وسنة نبيه وبغاها عوجا، فدع ابن أبي سرح وقريشا وتراكضهم في الضلالة، وتجاولهم في الشقاق، فإنها اجتمعت على حرب أخيك اجتماعها على حرب رسول الله ÷.

  وأمّا الذي ذكرت من إغارة الضحاك على الحيرة فهو أذلّ من أن يكون مرّ بجنباتها، ولكن جاء في جريدة خيل فلزم الظهر، وأخذ على السماوة حتى مر بواقصة، فسرّحت إليهم جندا من المسلمين، فلما بلغه ذلك ولى هاربا، فتبعوه ولحقوه في بعض الطريق، وقد أمعن حين طفلت الشمس للإياب، ثم اقتتلوا فلم يصبروا إلا قليلا، فقتل من أصحاب الضحاك بضعة عشر رجلا، ومضى جريحا بعد ما أخذ منه بالمخنق.

  وأما ما سألتني أن أكتب إليك برأيي فإن رأيي جهاد القوم مع المسلمين حتى ألقى الله لا تزيدني كثرة الناس حولي عزّة، ولا نفورهم عني وحشة، لأني محق والله مع المحق، والله ما أكره الموت على الحق، لأن الخير كله مع الموت لمن عقل ودعا إلى الحق.

  وأما ما عرضته عليّ من مسيرك إليّ ببنيك وولد أخيك، فإنه لا حاجة لي في ذلك، أقم راشدا مهديا، فوالله ما أحبّ أن يهلكوا معي لو هلكت، فلا تحسبن ابن أمك وإن أسلمه الناس يخشع أو يتضرع، وما أنا إلا كما قال أخو بني سليم:

  فإن تسأليني كيف أنت؟ فإنني ... صبور على ريب الزمان صليب

  يعزّ عليّ أن ترى بي كآبة ... فيشمت عاد أو يساء حبيب⁣(⁣١)

  وروينا عن السيد أبي طالب فيما رواه عن أمير المؤمنين # قال: لم أزل مظلوما في صغري وكبري، فقيل له: قد عرفنا يا أمير المؤمنين ظلم الناس إياك في كبرك، فما ظلمهم في صغرك: فقال: إن عقيلا كان في عينه وجع، فإذا أرادت الأم أن تذرّ في عينه ذرورا امتنع عليها، وقال: ابدءوا بعلي أوّلا، فكانت


(١) أمالي أبي طالب ص ٦٢، وشرح النهج ١/ ١٨٢، والغارات ٢٩٥، وأنساب الأشراف ٢/ ٧٥.