الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن خطبة له # في الاستسقاء:

صفحة 133 - الجزء 1

  الأطباء، لم ينفعه شفاؤك⁣(⁣١)، ولم تغن عنه طلبتك، مثّلت لك ويحك الدنيا بمضجعه مضجعك، حين لا يغني بكاؤك، ولا ينفع أحباؤك⁣(⁣٢).

  وروى السيد أبو طالب # هذه الرواية بطريق أخرى، وذكر أنهما لا تختلفان إلّا في أحرف يسيرة. وفيها قال: ثم التفت إلى أصحابه، فقال: عباد الله، انظروا إلى الدنيا نظر الزاهدين فيها فإنها والله عن قليل تزيل الثاوي الساكن، وتفجع المترف الآمن، لا يرجع ما تولى منها فأدبر، ولا يدرى ما هو آت منها فينتظر، سرورها مشوب بالحزن، وآخر الحياة فيها إلى الضعف والوهن، فلا يغرنكم كثرة ما يعجبكم فيها، لقلة ما يصحبكم منها، رحم الله عبدا تفكّر فاعتبر، وأبصر فازدجر، وعاين إدبار ما أدبر، وحضور ما حضر، فكأنّ ما هو كائن من الدنيا عن قليل لم يكن، وكأن ما هو كائن من الآخرة لم يزل، وكل ما هو آت قريب، واعلموا أنه إنما أهلك من كان قبلكم خبث أعمالهم لمّا لم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك. فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فإن ذلك لن يقدّم أجلا، ولن يؤخّر رزقا، فإذا رأى أحدكم نقصا في نفس أو أهل أو مال ورأى لأخيه صفوة فلا يكونن ذلك فتنة له، فإن المسلم البريء من الخيانة، ما لم يخش دناءة يخشع لها إذا ذكرت، ويغرى بها لئام الناس كان كالفالج الذي ينتظر أول فوزة من قداحه، تذهب عنه المغرم، وتوجب له المغنم. وكذلك المرء المسلم ينتظر إحدى الحسنيين، إما رزقا من الله تعالى، فإذا هو ذو أهل ومال، ومعه دينه وحسبه، وإما داعي الله فما عند الله خير للأبرار، المال والبنون زينة الحياة الدنيا والعمل الصالح حرث الدنيا وقد يجمعهما الله لأقوام⁣(⁣٣).

  وروينا من كتاب جلاء الأبصار عن الحاكم ¦ بإسناده إلى أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر صاحب أبي عثمان الجاحظ قال: كان الجاحظ يقول لنا


(١) في (ج): شفاعتك.

(٢) الأمالي ٢٧٣، ونهج البلاغة ٧٠٩ رقم ١٣١ باختلاف يسير.

(٣) الأمالي ٣٧٤.