الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن خطبة له # في الاستسقاء:

صفحة 142 - الجزء 1

  وليكن ما بينك وبينه معمورا، يا بني لن تزال بخير ما حمدت ربك، وعرفت موعظته لك، فإن قلوب المؤمنين رقيقة، وأعمالهم وثيقة، ونياتهم صدق وحقيقة، فالزم محاسن أخلاقهم، وجميل أفعالهم، لعلك تحاسب حسابهم، وتثاب ثوابهم.

  يا بني: أزحت عنك العلّة، وألزمتك الحجة، وكشفت عنك الشبهة، وظهرت لك الآثار، ووضحت لك البينات، وما أنت بمخلد في الدنيا، فعيشها غرور، ما يتم فيها لذي لبّ سرور، يوشك ما ترى أن ينقضي وتمر أيامه، ويبقى وزره وآثامه.

  إن الدار التي أصبحنا فيها بالبلاء محفوفة، وبالفناء موصوفة، كلما ترى فيها وبين أهلها دول سجال، وعوار مقبوضة، بينا أهلها فيها في رخاء وسرور إذ هم في بلاء وغرور، تتغير فيها الحالات، وتتابع فيها الرزيّات، ويساق أهلها للمنيات، فهم فيها أغراض ترميهم سهامها، ويغشاهم حمامها، قد أكلت القرون الماضية، وأشرعت في الأمم الباقية، أكلهم ذعاق ناقع، وحمام واقع، ليس عنه مذهب، ولا منه مهرب، إن أهل الدنيا سفر نازلون، وأهل ظعن شاخصون، فكأن قد انقلبت بهم الحال، ونودوا بالارتحال، فأصبحت منهم قفارا، ومن جميعهم بوارا، والسلام عليك⁣(⁣١).

  ومن كلامه #: أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل كنّ لها أهلا:

  لا يرجونّ أحد منكم إلّا ربّه، ولا يخافنّ إلا ذنبه، ولا يستحيين أحد منكم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم، ولا يستحيين أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه، وعليكم [بالصبر فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه].⁣(⁣٢)


(١) الأمالي ص ٨١، والنهج ص ٥٧٢ رقم: ٣١.

(٢) ما بين القوسين ساقط من جميع النسخ، وموجود في هامش (أ) فقط. ينظر الأمالي ص ١٤٥.