الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #

صفحة 171 - الجزء 1

  ÷، وصلحاء المهاجرين والأنصار، فكرهت ذلك لك، إنك امرؤ عندنا وعند الناس غير الظنين، ولا المسئ، ولا اللئيم، وأنا أحب لك القول السديد، والذكر الجميل، إن هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها ÷ لم تجهل فضلكم، ولا سابقتكم، ولا قرابتكم من نبيكم ÷، ولا مكانكم في الإسلام ومن أهله، فرأت الأمة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها ÷، ورأى صلحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس وعوامهم أن يولّوا هذا الأمر من قريش أقدمها إسلاما، وأحكمها علما، وأحبها له، وأقواها على أمر الله، فاختاروا أبا بكر، وكان ذلك رأي ذوي الدين والفضيلة والناظرين للأمة، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة، ولم يكونوا بمتّهمين، ولا فيما أتوا بالمخطئين، ولو رأى المسلمون أن فيكم من يغني غناه، أو يقوم مقامه، أو يذب عن حرم الإسلام ذبه، ما عدلوا بذلك الأمر إلى غيره رغبة عنه، ولكنهم عملوا في ذلك بما رأوه صلاحا للإسلام وأهله، فالله يجزيهم عن الإسلام وأهله خيرا.

  وقد فهمت ما الذي دعوتني إليه من الصلح، والحال فيما بيني وبينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها وأبو بكر بعد النبي ÷، لو علمت أنك أضبط مني للرعية، وأحوط على هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأقوى على جمع الأموال، وأكيد للعدو لأجبتك إلى ما دعوتني إليه ورأيتك لذلك أهلا، ولكن قد علمت أني أطول منك ولاية، وأقدم منك لهذه الأمة تجربة، وأكثر منك سياسة، فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي، ولك الأمر من بعدي، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ تحمله إلى حيث أحببت، ولك خراج أي كور العراق شئت معونة لك على نفقتك يجبيها أمينك، ويحملها إليك في كل سنة، ولك أن لا يستولى عليك بالأشياء، ولا يقضى دونك بالأمور، ولا تعصى في أمر أردت به طاعة الله تعالى، أعاننا الله وإياك على طاعته إنه سميع مجيب الدعاء والسلام.