الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #

صفحة 175 - الجزء 1

  فقاتله، فإن أصبت فقيس على الناس، فإن أصيب قيس فسعيد بن قيس على الناس، ثم أمره بما أراد، وسار عبيد الله على الزبيرة في شينور حتى خرج إلى شاهي، ثم لزم الفرات والفلوجة حتى أتى مسكن، وأخذ الحسن على حمام عمر حتى أتى دير كعب، فنزل ساباط دون القنطرة.

  فلما أصبح نادى في الناس: الصلاة جامعة، فاجتمعوا وصعد المنبر فخطبهم فقال: الحمد لله كلما حمده حامد، وأشهد أن لا إله إلا اللّه كلما شهد له شاهد، وأشهد أن محمدا رسول الله أرسله بالحق، وائتمنه على الوحي ÷ أما بعد:

  فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنّه وأنا أنصح خلقه لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم معتبة، ولا مريدا له بسوء ولا غائلة، ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم، ولا تخالفوا أمري، ولا تردوا عليّ رأيي غفر الله لي ولكم، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضى.

  قال: فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا: ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا:

  نظنه والله يريد أن يصالح معاوية، ويسلّم الأمر إليه، فقالوا: كفر والله الرجل، ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته، ثم شدّ عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي، فنزع مطرفه عن عاتقه، فبقي جالسا متقلدا السيف بغير رداء، ثم دعا بفرسه فركبه، وأحدق به طوائف من خاصته وشيعته، ومنعوا منه من أراده، ولا موه وضعفوه لما تكلم به، فقال: ادعوا لي ربيعة وهمدان، فدعوا له فأطافوا به، ودفعوا الناس عنه، ومعهم شوب من غيرهم، فقام إليه رجل من بني أسد من بني نصر بن قعين يقال له: الجراح بن سنان، فلما مرّ في مظلم ساباط قام إليه فأخذ بلجامه وبيده معول فقال: الله أكبر يا حسن أشركت كما أشرك أبوك فطعنه فوقعت في فخذه، فشقه حتى خالط أربيته، فسقط الحسن إلى الأرض بعد أن ضرب الذي طعنه واعتنقه فخرا جميعا