فصل: [في فضل أهل البيت]
  إلى رسول الله ÷ فصلى بنا الظهر ثم انصرف إلينا، فقال: الحمد لله نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن ضل، ولا مضل لمن هدى.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد: أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من عمره إلا نصف من عمر من قبله، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد أشرعت في العشرين، ألا وإني أو شك أن أفارقكم، ألا وإني مسؤول وأنتم مسؤولون فهل بلغتكم؟ فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبد الله ورسوله قد بلغت رسالته، وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره، وعبدته حتى أتاك اليقين، فجزاك الله عنا خير ما جزى نبيّا عن أمته. فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق، وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى، قال: فإني أشهد أن قد صدقتكم وصدّقتموني.
  ألا وإني فرطكم على الحوض وأنتم تبعي، توشكون أن تردوا عليّ الحوض فأسألكم حين تلقونني عن ثقليّ كيف خلفتموني فيهما؟ قال: فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان؟! حتى قام رجل من المهاجرين فقال: بأبي وأمي أنت يا نبي الله ما الثقلان؟ قال: الأكبر منهما كتاب الله، سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا به ولا تولّوا ولا تضلوا، والأصغر منهما عترتي: من استقبل قبلتي واستجاب دعوتي فلا تقتلوهم، ولا تقهروهم، ولا تقصّروا عنهم، فإني قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني: ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي ولي، وعدوهما لي عدوّ، ألا فإنها لم تهلك أمة قبلكم حتى تتديّن بأهوائها، وتظاهر على نبوتها(١)، وتقتل من قام بالقسط، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب # فرفعها وقال: «من كنت مولاه فهذا مولاه، من كنت وليّه فهذا
(١) في (ب) بيوتها.