الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

فصل: [في فضل أهل البيت]

صفحة 13 - الجزء 1

  عمرو بن عبيد⁣(⁣١)، فحمدت الله تعالى على ذلك، وقلت: وجدت عنده عون صدق من أهل البصرة، فقال لي: ادن يا سليمان، فدنوت فلما قربت منه أقبلت على عمرو بن عبيد أسائله وفاح مني ريح الحنوط، فقال: يا سليمان ما هذه الرائحة؟ والله لتصدقني وإلا قتلتك! فقلت يا أمير المؤمنين: أتاني رسولك في جوف الليل، فقلت في نفسي ما بعث إلي أمير المؤمنين في هذه الساعة إلا ليسائلني عن فضائل علي فإن أخبرته قتلني، فكتبت وصيتي ولبست كفني وتحنطت، فاستوى جالسا وهو يقول:

  لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: أتدري يا سليمان ما اسمي؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: ما اسمي؟ قلت: عبد الله الطويل بن محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس بن عبد المطلب قال: صدقت، فأخبرني بالله وبقرابتي من رسول الله ÷ كم رويت في عليّ من فضيلة من جميع الفقهاء وكم تكون؟ قلت: يسيرا يا أمير المؤمنين. قال عليّ ذاك. قلت: عشرة آلاف حديث وما زاد، قال: فقال:

  يا سليمان لأحدثنك في فضائل علي # حديثين يأكلان كل حديث رويته عن جميع الفقهاء، فإن حلفت لي أن لا ترويهما لأحد من الشيعة حدثتك بهما.

  فقلت: لا أحلف ولا أخبر بهما أحدا منهم. فقال: كنت هاربا من بني مروان، وكنت أدور البلدان أتقرب إلى الناس بحبّ علي # وفضائله، وكانوا يؤونني⁣(⁣٢)، ويطعمونني، ويزوروني، ويكرموني، ويحملوني، حتى وردت بلاد الشام، وأهل الشام كلما أصبحوا لعنوا عليّا # في مساجدهم، لأن كلهم خوارج وأصحاب معاوية، فدخلت مسجدا وفي نفسي منهم ما فيها، فأقيمت الصلاة فصليت الظهر وعليّ كساء خلق، فلمّا سلّم الإمام اتّكأ على الحائط،


(١) شيخ المعتزلة في وقته ومفتيها وله خطب ورسائل وكلام كثير في العدل والتوحيد وغير ذلك، توفي ١٤٤ هـ. ينظر المسعودي ٣/ ٣٠٣.

(٢) في النسخ: ياوون إلي.