الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته ومدة ظهوره #

صفحة 290 - الجزء 1

  موعدك الساعة والساعة أدهى وأمرّ، وأنا على بصيرة من أمري، وماض على ما مضى عليه سلفي وأشياعهم الذين ذكرهم الله تعالى، فقال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}⁣[الأحزاب: ٢٣] إلى آخره، وعلى الله فليتوكل المتوكلون.

  ولما عقدت البيعة له في أعناق أهل الفضل، وانتشر ذكره في الآفاق، اضطر # إلى الخروج قبل أوانه، وكان سبب ذلك أن أبا جعفر لما حبس أباه عبد الله بن الحسن وإخوته $، وشدّد عليهم بسبب محمد بن عبد الله، وأمر بضرب موسى بن عبد الله فضرب ستمائة سوط، ثم أمره أبو جعفر بزعمه ليكون له عينا، فتقدم موسى بن عبد الله @ على أنه يكون عينا له على محمد بن عبد الله @، فأقام مدة بالمدينة حتى أمر وإليها إلى أبي جعفر: إنك بعثت موسى ليكون لك عينا على محمد بن عبد الله وإنه عين لهم علينا، فأمر أبو جعفر بإحضار موسى إليه فلما خرجوا بموسى بن عبد الله # خشي محمد بن عبد الله @ القتل على أخيه فشهر نفسه في الحال.

  وكان ظهوره #: لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين ومائة، وروي في غرة رجب، وخرج وعليه قلنسوة صفراء وعمامة فوقها متوشحا سيفا، وانضاف إليه في تلك الحال مائتان وخمسون رجلا، فتقدم حتى وقف على سجن المدينة وأرسل من فيه، ودخل المسجد قبل الفجر فخطب الناس، وقال في خطبته بعد حمد الله والثناء عليه:

  أما بعد: يا أهل المدينة فإني والله ما خرجت فيكم وبين أظهركم لأتعزز بكم، ولغيركم كان أعزّ لي منكم ولكني حبوتكم بنفسي، مع أنه لم يبق مصر من الأمصار يعبد الله فيه إلا وقد أخذت لي فيه البيعة، وما بقي أحد من شرق ولا غرب إلا وقد أتتني بيعته، وإن أحق الناس بالقيام بهذا الأمر لأبناء المهاجرين والأنصار، مع ما قد علمتم من سوء مذهب هذا الطاغية الذي قد بلغ في عتوّه