الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من أخباره وبيعته #:

صفحة 338 - الجزء 1

  مؤمنان، ولقد أجمع عليه أهل الأمصار من أهل الفقه والعلم في كل البلاد لا يتخالجهم فيه الشك، ولا تقفهم عنه الظنون، فما ذكر عند خاصة ولا عامة إلا اعتقدوا محبته، وأوجبوا طاعته، وأقروا بفضله وسارعوا إلى دعوته، إلا من كان من عتاة أهل الإلحاد الذين غلبت عليهم الشقوة، فغمصوا النعمة، وتوقعوا النقمة من شيع أعداء الدين وأفئدة المضلين وجنود الضالين، وقادة الفاسقين، وأعوان الظالمين، وحزب الخائنين، وقد كان الدعاء إليه منكم ظاهرا، والطلب له قاهرا، بإعلان اسمه وكتاب إمامته على أعلامكم: محمدنا منصور، يعرف ذلك ولا ينكر، ويسمع ولا يجهل، حتى صرفتموها إليكم وهي تخطب عليه، وكفحتموها عنه وهي مقبلة إليه، حين حضرتم وغاب، وشهدتم إبرامها، ورأى قلة رغبة ممن حضر، وعظيم جرأة ممن اعترض، حتى إذا حصلت لكم بدعوتنا، وهدأت لكم بخطبتنا، وقرّت لكم بنسبتنا، قالت لكم إجرامكم إلينا، وجنايتكم علينا: إنها لا توطأ لكم إلا بإبادة خضرائنا، ولا تطمئن لكم دون استئصالنا، فأغرى بنا جدك المتفرعن فقتلنا، ولا يخفى أثره فينا عند المسلمين، لؤم مقدرة، وضراعة مملكة، حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، قبل بلوغ شفاء قلبه من فنائنا، وهيهات أن يدرك الناس ذلك، ولله فينا خبيئة لا بدّ من إظهارها، وإرادة لا بد من بلوغها، فالويل له، فكم من عين طالما غمضت عن محارم الله، وسهرت متهجدة لله، وبكت في ظلم الليل خوفا من الله، قد أسحّها بالعبرات باكية، وسمّرها بالمسامير المحماة، وألصقها بالحدرات المرصوفة قائمة، وكم من وجه طالما ناجى الله مجتهدا، وعنى لله متخشعا، مشوها بالعمد مغلولا مقتولا، ممثولا به معنوقا، وبالله أن لو لم يلق الله إلا بقتل النفس الزكية أخي محمد بن عبد الله | للقيه بإثم عظيم وخطب كبير، فكيف وقد قتل أبا⁣(⁣١) النفس


(١) في (ج): قبل.