ذكر طرف من أخباره وبيعته #:
  الزكية التقية، أبي عبد الله بن الحسن وإخوته وبني أخيه، ومنعهم روح الحياة في مطابقه، وحال بينهم وبين خروج النفس في مطاميره، لا يعرفون الليل من النهار، ولا مواقيت الصلاة إلا بقراءة أجزاء القرآن تجزئة قد عرفوه لما غابوا في آناء الليل والنهار حين الشتاء والصيف حال أوقات الصلاة، قرما منه إلى قتلهم، وقطعا منه لأرحامهم، وترة لرسول الله ÷ فيهم، فولغ فيهم ولغان الكلاب، وضري بقتل صغيرهم وكبيرهم ضراوة الذئاب، ونهم بهم نهم الخنزير، والله له ولمن عمل بعمله بالمرصاد. فلما أهلكه الله قابلتنا أنت وأخوك الجبار الفظ الغليظ العنيد، بأضعاف فتنته، واحتذاء سيرته، قتلا وعذابا وتشريدا وتطريدا، فأكلتمانا أكل الربا، حتى لفظتنا الأرض خوفا منكما، وتأبّدنا في الفلوات هربا عنكما، فأنست بنا الوحوش وأنسنا بها، وألفتنا البهائم وألفناها، ولو لم يجترم أخوك إلا قتل الحسين بن علي وأسرته بفخ لكفى بذلك عند الله وزرا عظيما وسيعلم وقد علم ما اقترف، والله مجازيه وهو المنتقم لأوليائه من أعدائه. ثم امتحننا الله بك من بعده، فحرصت على قتلنا، وظلمت الأول والآخر منا، لا يؤمنك منهم بعد دار، ولا نأي جار، تتبعهم حيلك وكيدك حيث ستروا من بلاد الترك والديلم، لا تسكن نفسك ولا يطمأن قلبك دون أن تأتي على آخرنا، ولا تدع صغيرنا، ولا ترثى لكبيرنا، لئلا يبقى داع إلى حق، ولا قائل بصدق، ولا أحد من أهله، حتى أخرجك الطغيان، وحملك الشنآن أن أظهرت بغضة أمير المؤمنين، وأعلنت بنقصه، وقربت مبغضيه، وآويت شانئيه، حتى أربيت على بني أمية في عداوته، وأشفيت غلتهم في تناوله، وأمرت بكرب قبر الحسين بن علي ~، وتعمية موضعه، وقتل زوّاره، واستئصال محبيه، وأوعدت فيه وأرعدت وأبرقت على ذكره، فوالله لقد كانت بنو أمية الذين وضعنا آثارهم مثلا لكم، وعددنا مساويهم احتجاجا عليكم على بعد أرحامهم أرأف بنا منكم، وأعطف