الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من أخباره وبيعته #:

صفحة 340 - الجزء 1

  علينا قلوبا من جميعكم، وأحسن استيفاء لنا ورعاية من قرابتكم، فوالله ما بأمركم خفاء، ولا بشأنكم امتراء، ولم لا تجاهد؟ وأنت معتكف على معاصي الله صباحا ومساء، مغترا بالمهلة، آمنا من النقمة، واثقا بالسلامة، تارة تغري بين البهائم بمناطحة كبش، أو مناقرة ديك، أو مخارشة كلب، وتارة تفترش الخصيان، وتأتي الذّكران، وتترك الصلاة صاحيا وسكران، ثم لا يشغلك ذلك عن قتل أولياء الله، وانتهاك محارم الله، فسبحان الله ما أعظم حلمه، وأكثر أناته عنك وعن أمثالك، ولكنه تبارك وتعالى لا يعجل بالعقوبة، وكيف يعجل وهو لا يخاف الفوت وهو شديد العقاب. فأما ما دعوتني إليه من الأمان، وبذلت لي من الأموال، فمثلي لا تثني الرغائب عزمته، ولا تنحلّ لخطير همته، ولا تبطل سعيا باقيا على الأيام أثره، ولا يترك جزيلا عند الله أجره بمال فان، وعار باق، هذه صفقة خاسرة، وتجارة بائرة، وأستعصم الله منها، وأسأله أن يجيرني من مثلها بمنه وطوله. أفأبيع المسلمين وقد سمت إليّ أبصارهم، وانبسطت نحوي آمالهم بدعوتي، واشرأبّت أعناقهم نحوي؟ إني إذا لدنيّ الهمة، لئيم الرغبة، ضيق العطن، هذا والأحكام مهملة، والحدود معطلة، والمعاصي مستعملة، والمحارم منتهكة، ودين الله محقور، وبصيرتي مشحوذة، وحجّة الله قائمة في إنكار المنكر. أفأبيع خطيري بمالكم، وشرف موقفي بدراهمكم، وألبس العار والشنار بمقامكم؟! لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، والله ما أكلي إلا الجشب، ولا لباسي إلا الخشن، ولا شعاري إلا الدرع، ولا صاحبي إلا السيف، ولا فراشي إلا الأرض، ولا شهوتي من الدنيا إلا لقاؤكم، والرغبة في مجاهدتكم، ولو موقفا واحدا لانتظار إحدى الحسنيين في ذلك كله في ظفر أو شهادة. وبعد فإن لنا على الله وعدا لا يخلفه، وضمانا سوف ننجزه حيث يقول:

  {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ