الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من أخباره وبيعته #:

صفحة 345 - الجزء 1

  تنصرونهم ولا تنصرون عليهم عدوهم، بل صيرتموهم لحمة لسيوفكم، ونهزا لتشفي غيظكم من قتلهم واستئصالهم وطلبهم في مظانهم ودارهم وفي غير دارهم، فصرنا طريدة لكم من دار إلى دار، ومن جبل إلى جبل، ومن شاهق إلى شاهق، ثم لم يقنعكم ذلك حتى أخرجتمونا من دار الإسلام إلى دار الشرك، ثم لم ترضوا بذلك من حالنا حتى تداعيتم علينا معشر العرب خاصة من دون العجم من جميع الأمصار والمدائن والبلدان، فخرجتم إلى دار الشرك، طلبا لدمائنا دون دماء أهل الشرك تلذذا منكم بقتلنا، وتقربا إلى ربكم باجتياحنا، زعمتم أن لا يبقى بين أظهركم من ذرية نبيكم عين تطرف ولا نفس تعرف، ثم لم يقم بذلك منكم إلا أعلامكم، ووجوهكم، وعلماؤكم، وفقهاؤكم، والله المستعان⁣(⁣١).

  قال الراوي: فلما سمعنا كلامه وخطبته بكينا حتى كادت أنفسنا أن تخرج، قال: فقمنا وتشاورنا فقلنا: هل بقي لكم حجة أو علّة لو قتلتم عن آخركم، وسبيت ذراريكم، واصطفيت أموالكم كان خيرا لكم من أن تشهدوا على ابن بنت نبيكم بالعبودية، وتنفونه عن نسبه، قال: فعزمنا على أن لا نشهد، قال:

  فقال البختري إن هذا يحيى قد دخل بلاد الديلم، ويريد أن يقاتل بأهل الشرك أهل الإسلام، ويخرج به من طاعة أمير المؤمنين، وقد جاءت الرخصة في الكذب، والخديعة في الحرب، وقد رأينا أنه عبد لأمير المؤمنين نطلب بذلك الثواب عند الله تعالى لترجع ألفة المسلمين، وتسكن الثائرة⁣(⁣٢)، ولا غنى بكم عن حسن جزاء أمير المؤمنين، وهذا كتابه، فقرأه عليهم بما فيه من الإيعاد لمن امتنع، والأطماع لمن أجاب، وكان معه سليمان بن قليح فشفع كلامه، قال: وصاح بنا أبو البختري:

  ما تنتظرون؟ خدعكم فانخدعتم، وملتم معه على أمير المؤمنين، والله لئن امتنعتم من الشهادة عليه لتقتلنّ عن آخركم، ولتسبينّ ذراريكم، ولتؤخذنّ أموالكم،


(١) الشافي ١/ ٢٢٩ وما بعدها.

(٢) في (أ): النائرة.