الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر نكت من كلامه #:

صفحة 13 - الجزء 2

  فإن انقادت لأمره، وازدجرت عند زجره، فليضمم كفه من غيره على إنفاذ أمره، لأن تهذيب المرء لطريقته يدعو إلى طاعته، والمقصر عن طلب منفعته تزل موعظته عن القلوب زلول القطر عن الصفوان الصليب، فأوقعوا يا بني الموعظة بقلوبكم، فيا أيها المبتغي الدرك في العاجل، والفوز في الآجل، اجعل لك من نفسك موعدا تحظ به اليوم، وتفز به غدا، بصدق لا يشاب بالتفنيد، ورجاء الموعود وخوف الوعيد، واسم لما أحببت من ذلك بالعقل العتيد، والرأي السديد، والفعل الحميد، وأنا سفيرك فيه بالدرك لما تريد، وإنما أعجز الطلاب ما إليه يسمعون تعسفهم السبيل⁣(⁣١) التي فيها عن القصد يجورون، فلم يدركوا ما طلبوا، ولم ينالوا ما أحبوا⁣(⁣٢).

  وقال #: والعقل آمن أمين، وأفضل قرين، فاستأمنه على أحوالك وجميع خلالك، واعرف ما عرّفك، وإذا أحمدت من أحد مذهبا فكن لمثله متسببا⁣(⁣٣)، ولكل ما تستنكره من غيرك مجتنبا، ولتكثر من مستتر عيوبك وحشتك، وليقلّ بخفياتها أنسك، فإن اكتتامها كالمحرض على أمثالها، وإذا امتلأ الإناء انكفأ، وإذا تنوسخ السر فشا.

  وقال #: عليك بالحلم، فإنه ليس يسمّى الرجل حليما حتى يملك نفسه عند الغضب، ولا جوادا حتى يفيد إذا ازلامّ الأزب⁣(⁣٤)، وإنما يوصف بالنجدة من باشر أهل البأس والشدة، (وللمحاسن والمحامد نواد معتمدة، تطلع إليها الأفئدة)⁣(⁣٥)، ثم يبذل فيها الغالي من الأثمان، وتنضى لها العيس إلى البلدان،


(١) سقط من (أ) السبيل.

(٢) مجموع رسائل الإمام القاسم ٢/ ٣٠١.

(٣) في (أ) مسببا.

(٤) ازلأم: ازلأم الضحى: انبسط. تاج العروس ١٦/ ٣٢٤. وأزب: الأزبة لغة في الأزمة وهي الشدة والقحط. تاج العروس ١/ ٣٠٢.

(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).