مدة قيامه بالأمر ومبلغ عمره وموضع قبره #:
  أكثركم يعلم كيف كنتم للهادي # بعد دعائكم إياه إلى بلادكم، وبيعتكم له على كتاب الله وسنة نبيه ÷، وإحياء معالم الدين ومجاهدة الجبارين الظالمين، ألم ينقض أكثركم تلك العهود المؤكدة والمواثيق الغليظة؟ ألم ينكث جلّكم أيمانكم بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا؟ ألم يدع أكثركم الحق جهرا واتبع الباطل؟ وباع الكثير الباقي بالتافه اليسير الفاني؟ وكان # يقاسي منكم الأمرّين وتصيبه منكم المحن المتواترة وتعاملونه بأقبح المعاملة، وتقابلونه على جميع أفعاله معكم وإحسانه إليكم وعفوه عن ذنوبكم بالإساءة إليه والخروج عليه، فصبر من ذميم أفعالكم وقبيح معاملاتكم ما لا يصبر عليه إلّا من امتحن الله قلبه بالتقوى ونوّره باليقين والهدى، ما قصر ولا ونى في دعائكم إلى رشدكم وطاعة ربكم، ولا سئم من نصحكم والشفقة عليكم، (ولا ترك تقويم المتأوّد منكم، ولا بخل بما حوته يده عليكم)(١)، ومواساتكم بنفسه وماله، لم يتعلق عليه أحد منكم بمظلمة ولا ادعى عليه أحد عدولا عن الحق وميلا إلى الهوى، ومحاباة لولد وذوي قربى، بل كان يعمل بكتاب الله وسنة نبيه ÷ قد جعلهما نصب عينيه لا يفارقهما، ولا يزايلهما ولا يدع العمل بهما، فأفعالكم التي تفعلون وسيركم التي بها تسيرون، وطرقكم التي فيها تسلكون لا يحمدها ولا يأمن من الله جل وعز العقوبة على مفارقتكم عليها ومداحاتكم فيها، وأنتم إلى الباطل تميلون وعن الحق تفرون وفي معاصي الله تسارعون، ولولا إيثار طاعة الله والائتمار لأمره والوقوف عندما حدّ من حكمه، لكان ما عرضتم علي منه من طلب الدنيا وإرادة من اتبع الهوى، هيهات لا أزول من أمر الله شبرا، ولا أفارق حكمه فترا، حتى ألحق بالله على بصيرة، وألقاه ø عن عزيمة صادقة، فإن تقبلوا إلى طاعة الله وتنفذوا لأمر الله، وتصبروا على حكمه فيما ساءكم
(١) في (أ): ما بين القوسين ساقط.