الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

مدة قيامه بالأمر ومبلغ عمره وموضع قبره #:

صفحة 85 - الجزء 2

  وسرّكم وأعطاكم وأخذ منكم، كنتم من الفائزين وعند خالقكم من المقربين، فاتقوا الله وارجعوا باللوم على أنفسكم، وتوبوا إلى الله رب العالمين، وقوموا لله قانتين ولأوليائه موالين ولأعدائه معادين، ولأهل معصيته منابذين، ولمن خالف أمره مهاجرين، ولآثار رسوله ÷ متّبعين، وللمعصية والفسوق تاركين، وبالمعروف آمرين وعن المنكر ناهين، وللأئمة الصالحين من أهل بيت رسول الله ÷ مطيعين، واعلموا أن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون⁣(⁣١).

  ثم بايعه الناس غرة المحرم سنة تسع وتسعين ومائتين، وأقام بصعدة وفي يده بلد همدان وخولان ونجران، وأقام # كذلك مديدة وسيّر جنوده لقتال القرامطة فقتلوا في كل فج، واستقامت له الأمور حتى كان يوم الخميس لإحدى وعشرين ليلة خلت من ذي القعدة من السنة المذكورة جمع # وجوه العشائر قبله فعاب عليهم أشياء كرهها منهم، وعزم على الاعتزال والتخلي من الأمر⁣(⁣٢).

  وقال # في خطبة خطبها عند ذلك: ثم إنكم معاشر المسلمين، أقبلتم إليّ عند وفاة الهادي ¥، وأردتموني على قبول بيعتكم، فامتنعت مما سألتموني ودافعت بالأمر ولم أويسكم من إجابتكم إلى ما طلبتم مني خوفا من استيلاء القرمطي - لعنه الله على بلادكم، وتعرضه للضعفاء والأيتام والأرامل منكم، فأجريت أموركم على ما كان الهادي رضى اللّه عنه يجريها، ولم أتلبس بشيء من عرض دنياكم، ولم أتناول قليلا ولا كثيرا من أموالكم، فلما أخزى الله القرمطي {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً}⁣[الأحزاب: ٢٥]، تدبرت أمري وأمركم ونظرت فيما أتعرضه من أخلاقكم، فوجدت أموركم تجري على غير سننها، وألفيتكم تميلون إلى الباطل وتنفرون عن الحق، وتستخفّون بأهل


(١) انظر المصابيح ٠٥٩١ - ٥٩٤ وجزء منها في الإفادة ١٣٣.

(٢) سيرة الإمام الهادي ٤٠٠.