الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

مدة قيامه بالأمر ومبلغ عمره وموضع قبره #:

صفحة 86 - الجزء 2

  الصلاح والخير والدين والورع منكم، لا تتناهون عن منكر تفعلونه، ولا تستحيون من قبيح تأتونه وذنب عظيم تركبونه، لا تتعظون بوعظ الواعظين، ولا تقبلون نصح الناصحين، بل تجرون في غيكم، وعن أمر الله إلى نهيه عادلين، وعما نأمركم بطاعة الله مزورين وعنه نافرين وإلى أعداء الله وأعداء دينه الجهال الفساق راكنين، وقد قال الحكيم العليم في محكم التنزيل: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}⁣[هود: ١١٣]، فلما لم أجد فيكم من يعين الصادق المحق، ويأمر بالمعروف ويرغب في الجهاد، ويختار رضي اللّه ø على رضى المخلوقين إلّا القليل من القبيلة واليسير من الجماعة، أنزلت هذه الدنيا من نفسي أحسن المنازل، وآثرت الآخرة الكريم محالها، الشريفة منازلها، العالية مراتبها، واخترت الباقي الدائم على الفاني الزائل، وتمسكت بطاعة رب العالمين، وذلك من غير زهد مني في جهاد الظالمين ومنابذة الفاسقين ومباينة الجائرين، مع علمي بما فرض الله ø منه على عباده في وقته وأوانه، وأيقنت مع الأحول التي وصفتها، والموانع التي ذكرتها أن السلامة عند الله في الزهد في الدنيا، والاشتغال بعبادة رب العالمين والاعتزال عن جميع المخلوقين، وذلك بعد رجوعي إلى كتاب الله ø واشتغال خاطري بتدبر آياته، وإعمال نظري وفكري في أوامره وزواجره، ومحكمه ومتشابهه، وخاصه وعامه، وأمره ونهيه، وناسخه ومنسوخه - فوجدته يوجب التبري عليّ من هذا الأمر إيجابا محكما، ويلزمني تركه إلزاما قاطعا، فاتبعت عند ذلك أمر الله ونزلت عند حكمه ونظرت بقضائه، فإن لم يقم لله ø علي حجة من بعد ذلك ووجدت على الحق أعوانا، وفي الدين إخوانا - قمت بأمر الله طلبا لثوابه، حاكما بكتابه، متقلدا لأمره متبعا سنة نبيه محمد ÷، لا أفارقه ولا أعدل عنه حتى يعز الله الحق ويبطل الباطل، أو الحق بصالح سلفي الذين