ذكر طرف من مناقبه #:
  استجاب، وشرط على معز الدولة في ذلك شرائط.
  منها: ألا يدخل إلى المطيع ولا يقبل له الخلعة التي جرى الرسم بإخراجها من داره إلى كل من تولى ببغداد الأعمال الجليلة، لأنه يكون سوادا، فامتنع من لبس السواد ولهذا امتنع من الدخول إلى المطيع، فإن الرسم جار لمن يدخل إلى هؤلاء ألا يدخل إلا بالسواد، ولما جرى الرسم به من تقبيل الأرض بين أيديهم إلى شرائط أخر شرطها، فأجابه معز الدولة إلى جميعها وأنفذ إليه خلعة بياض، ولم يدخل إلى المطيع طول مقامه ببغداد.
  وقال لي شيخنا أبو عبد الله: ما رأيت يوما أحسن من يوم ركوبه حين ولي النقابة وعليه الخلع، وحوله أشراف بغداد كلهم، وبين يديه حجاب السلطان، ومرّ إلى (براثا) في ذلك الموكب البهي وعاد إلى داره، وقال: صعدت بعض الغرف المشرفة على الطريق حتى رأيته ورأيت موكبه. وولى ¥ أبا الحسين ابن عبد الله نقابة الكوفة، وأبا أحمد الموسوي نقابة البصرة، وأبا الحسين الموسوي نقابة واسط، وأبا القاسم الزيدي نقابة الأهواز وأعمالها، وتحمل هذا العمل بتوليه له، ودبره بأتم صيانة وأكمل عفاف وورع. وكان معز الدولة يكثر الإكثار الذي لا مزيد عليه، ويعتقد فيه ما يجب اعتقاده، حتى إنه كان بين يديه يوما جماعة من أكابر حاشيته، وكانوا إمامية وكان في جملتهم الحمولي القمي، وكان معز الدولة يناظرهم، ويقول لهم: يا إمامية أين إمامكم؟ ومتى يظهر؟ فقالوا له: أيها الأمير فأين إمامك؟ أنت أيضا بلا إمام! فقال: لي إمام وأنا أريكم إمامي، فلما دخل أبو عبد الله بن الداعي ¥، قال: هذا إمامي(١).
  وبلغ من تعظيمه له أن أبا الحسن بن أبي الطيب الموسوي - وكان رئيس علوية بغداد ومن أعيانهم ومقدميهم - كان تظلم إليه ¥ متظلم منه، فأحضره مجلسه وزجره ونهاه عن ظلم من كان يظلمه، فأوحشه بكلمة، فأمر بأن يجر
(١) الإفادة ١٤٣.