الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه وأحواله #:

صفحة 125 - الجزء 2

  المتوضأ ليجدد الطهارة فرأى فيه رجلا متغير اللون يرتعد فزعا، فقال له:

  ما دهاك؟ قال: إني بعثت لقتلك، قال: وما الذي وعدوك عليه؟ قال: بقرة، قال: ما لنا بقرة وأدخل يده في جيبه وناوله خمسة دنانير، وقال: اشتر بها بقرة، ولا تعد إلى مثل ذلك⁣(⁣١). وحكي أنه كان قدس الله روحه يسير في طريق كلار، فطلب ممطرا له من بندار صاحبه، فقال: هو على بغل لبيت المال، فأنكر عليه، وقال: متى عهدتني أستجيز حمل ملبوسي على دواب بيت المال، فأمر بإخراجه وتوفير الكراء من ماله. وكان يصرف # من خاص ماله إلى بيت المال ما يكون عوضا عما يرسله الكتاب في أول الكتب، ويفرجه بين السطور في الكتاب⁣(⁣٢).

  وحكي أن شيئا من المقشر حمل إلى داره لصرفه في مصالح المسلمين، فالتقط منه حبات بعض الدجاج التي تقتنى لأكله خاصة، فغرم من ماله أضعاف ذلك، وقيل: إنه صرف الدجاج إلى بيت المال. وروي أنّ ولده الأمير أبا القاسم شكى إليه ضيق يده وقلة نصيبه من بيت المال، واستأذنه في الانصراف فأطلق له ذلك، فقال له أصحابه: إن أبا القاسم فارس فاره لا غنى عن مثله فلو أطلق له ما يكفيه، فقال: إني أدر عليه نصيبه ولا يمكن الزيادة عليه، فإن الله سبحانه أمرنا بالتسوية بين الأولاد والأجانب. وكان له صديق يتحفه كل سنة بعدد من الرمّان، فلما كان في بعض السنين زاد على رسمه وعادته، فسأله عن ذلك؟ فقال: لأن الله سبحانه زاد في رماننا فزدنا في رسمك، فلما أراد الخروج شكى عن بعض الناس، فقال: ردوا عليه رمانه كله، وأمر بإزالة شكايته ودفع الأذى عنه، إلى غير ذلك من الحكايات الجمة في ورعه وزهده وتقشفه⁣(⁣٣). وكان # في العلم


(١) سيرة الإمام المؤيد ٣.

(٢) سيرة الإمام المؤيد ٣ والشافي ١/ ٣٣١.

(٣) سيرة الإمام المؤيد ٤.