ذكر نكت من كلامه #:
  {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}[المزمل: ٨]، قيل في التفسير:
  أخلص له إخلاصا(١)، وقال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}[الذاريات: ٥٠]. روي عن النبي ÷ أنه قال حاكيا عن الله تعالى: «ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى وأملأ يديك رزقا، ابن آدم لا تتباعد عني فأملأ قلبك فقرا وأملأ يديك شغلا»(٢). ثم قال قدس الله روحه: هذه وصية لجنيد بن محمد أثبتناها على وجهها لتعلقها بغرضنا في هذا الباب ولما فيها من عظيم النفع للمريد.
  قال أبو القاسم |: اعلم رحمك الله أن الله تعالى ينزل العبيد حيث نزلت قلوبهم بهمها، فانظر أين ينزلك قلبك؟، واعلم أنه يوصل إلى القلوب من خيره(٣) ما اتصلت به القلوب من تعظيم أمره، فانظر ما ذا يتصل بقلبك، واعلم أنه يقبل على القلوب حسب ما القلوب مقبلة عليه، فانظر ما ذا أنت مقبل بقلبك؟، واعلم أن الله تعالى يخلص إلى القلوب من برّه على ما تخلص القلوب إليه من ذكره، فانظر ما ذا خالصه قلبك؟، واعلم أن الله تعالى يعظم القلوب ويرفعها على حسب ما هي معظمة له، فانظر ما ذا الذي تعظم في سرك ويعلو إليه مرادك؟، واعلم أن موانع القلوب في الابتداء ما مالت عليه من أسباب الدنيا، فاعمل على قطع الأسباب تنل بغيتك من الطلب.
  واعلم أن قليل ما ينفق(٤) منها في السرائر يحول بينك وبين نفيس الذخائر، فاعمل في إخراج ما بقي منها تنل بذلك ما تطلب من خالقها. واعلم أن القلوب إذا تجردت من الأمور الدنيوية صحت وصفت للعلوم الأخروية، فاعمل في ابتداء أمرك على إخراج ذلك من سرك، واحذر أن يبقى عليك منها شيء مستبطن أو
(١) انظر تفسير غريب القرآن للإمام زيد بن علي ٣٥٣.
(٢) أخرجه الحاكم عن معفل بن يسار ٤/ ٣٢٦ وقال صحيح: ووافقه الذهبي.
(٣) في الأصل: ذخيرة، والنسخة (أ): من غيره، ولا معنى لها وأثبتناها من سياسة المريدين.
(٤) في (أ): يبقى.