ذكر نكت من كلامه #:
  دقيق مراد قد كمن، فيقفك(١) ذلك ويعترض بقدره في صحة المراد، فكن على استعصاء منه، وكن فيها على أحوالك كلها زاهدا، فيصحو عند ذلك عقلك ويصفو قلبك.
  واعلم أن هذا أول منزلة من منازل المريدين. واعلم أنك إن صدقت في إرادتك له صدقك في إرادته لك. وأعلم أن الله تعالى إذا أرادك تولاك وأغناك.
  واعلم أنك إن كنت لطاعته مؤثرا كان عليك بمنافعك مقبلا، وكذلك إذا كنت لعهده راعيا وبأمره عاملا كان بالتأييد لك حافظا، فمن شاهد ذلك في نفسك أنك إذا اعترض لك أمران ميزتهما بالعلم، فإذا كشف لك التمييز بالعلم عن أفضلهما ركبت الأفضل وعملت بالأجزل، ولم ترض في نفسك بالمفضول، فإذا كنت كذلك كنت صادقا، وكان الله تعالى لهمك رافعا، فإذا ارتفع همك وقوي علمك كان ذكر الله تعالى السابق إليك، والعاطف بقربه عليك، ولم تر شيئا أقرب إليك منه، ولا أقرب منك إليه، فإذا خلص لك ما وصفنا فاعتدل واستوى، لم تكن ظاعنا إلا إليه، ولا نازلا إلا عليه، والعلم من وراء ما أوصيتك به، فاعمل بوصيتي تنل بها من العلم من وراء ذلك.
  قال قدس الله روحه(٢): وقال بعض الحكماء: علامة المريد إذا صدق في عزمه رفض الدنيا إذا كانت شاغلة للقلب ومفتّرة له عن طاعة الله تعالى، وأحواله في الزيادة على حسب الكد والاجتهاد والانكماش والمبادرة، وحمل النفس على المكاره، ومفارقة الراحة ومجانبة الرفاهية، وليصحب من يريد ما يريد لتزداد قوة إرادته، وليستوحش ممن يريد ما لا يريد، وليتقوّ على ما يريده.
  ثم قال قدس الله روحه في(٣): اعلم أن أصل هذا الباب وملاكه وما عليه
(١) في نسخه فيقعدك.
(٢) سياسة المريدين ٦٣.
(٣) سياسة المريدين ٦٣.