ذكر نكت من كلامه #:
  يدور: هو مجانبة الشبهات، وترك ما أمكن تركه من المباحات، وبحسب ما يتركه العبد من المباح يكون فوزه للنجاح، وظفره بالمطلوب ونيله للمحبوب، وبحسب استيفائه(١) وتمتعه له يفتر سيره، ويضعف عزمه وإرادته، وينشب العدوّ فيه أظفاره ومخالبه، فمن عزم على طلب الانقطاع إلى الله ø، واستحقاق اسم المريدين، فليوطن نفسه على ترك ما أمكن تركه من المباح، قال الله تعالى:
  {وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً}[الفرقان: ٧٢] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}[المؤمنون: ٣]، فكل ما لا يعنيك فهو من اللغو.
  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»(٢) وأصل ترك المباح الذي لا بد للمريد منه، ولا يستقيم أمره دونه، ولا يستقيم إلا عليه ولا يملك زمام قلبه إلا به هو ملازمة الصمت ومداومة الجوع والعطش. وروي عن النبي ÷ قال: «من عرف الله تعالى وعظمه منع الله فاه من الكلام وبطنه من الطعام وفرجه من الحرام».
  وقال قدس الله روحه: واعلم رحمك الله أن المريد ربما يعرض له فتور قوي واضطراب شديد حتى ينتشر همه بعد أن كان مجموعا، ويشرد(٣) فكره بعد أن كان مزموما وحتى يظن أن قلبه [كأن](٤) قد صار أعلاه أسفله، فيضيق صدره ويكاد يفسد عليه أمره: وقد يكون ذلك لسبب ظاهر، وقد يكون من غير سبب، فلا يجب أن يرتاع عند ذلك ارتياعا يزيد في اضطرابه، ويوهمه مفارقة حاله، بل يجب أن يفر إلى الله تعالى، ويستغيث به، ويستنزل المعونة من عنده،
(١) في سياسة المريدين «استغنائه».
(٢) مجمع الزوائد ١٠/ ٢٢٣ - ٢٢٤.
(٣) في (ب): ويتشرد.
(٤) ساقطة من كتاب سياسة المريدين.