ذكر نكت من كلامه #:
  ويدوم على ذلك، وإن لم يجد للاستعانة(١) الحلاوة التي كان يجدها من قبل لم ييأس(٢) من عوده إلى حالته، واستمر على البكاء والتضرع إلى الله تعالى، ومسألته كشف ما به، ويفزع إلى تنبيه القلب بقراءة القرآن بصوت شجي واستماعها من غيره. و [لينظر] في حكايات المتقدمين ومواعظهم، ويستعين على ذلك بمذاكرة من يكون منهم في زمانه ومجالستهم، واستماع كلامهم، وتأمل أحوالهم، فإن كثر ذلك ودام حتى يغلبه الوسواس، استعمل ما ذكرناه في باب ما يستعان به على التوبة، واجتهد في تحصيل الخوف، وذكّر نفسه آلاء الله ونعمائه(٣)، فإن ذلك مما يقوّي قلبه ويحبس عنه الشيطان.
  واعلم أن ما كان من ذلك لغير سبب معلوم كان(٤) دفعه أسهل، وانحسامه أيسر، وعودة العبد إلى حالته الأولى أقرب، وما كان من ذلك لسبب ظاهر يعرفه المريد من نفسه، فإنه يحتاج أن يعمل في إزالة ذلك السبب ودفعه، ويستعين بالله على ذلك إنه خير معين. ويكون بقاء هذا العارض وقوته بحسب قوة السبب الموجب له وبحسب بقائه، ومتى انحسم(٥) ذلك وجد المريد له روحا في الحال، وانشرح صدره انشراحا عجيبا، وعاد إلى حالته الأولى، وكان سبيل قلبه سبيل المشرفي يخرج من الصقال. فليكن المريد متنبها عندما وصفناه وليستعمل ما ذكرنا، فإن الله تعالى بلطفه وفضله يغني من اتقاه، ولا يخيب رجاء من ارتجاه، وليكن دأبه ومعظم همه عند اعتراض هذا العارض التمسك بفعل الواجبات، والتنكب من المحظورات، وإن احتلت(٦) عليه النوافل والمجاهدة.
(١) في نسخه: للاستغاثة.
(٢) في الأصل: يئسى.
(٣) في (أ) ونعماه.
(٤) في (أ): فإن.
(٥) في (أ) بزيادة: حد.
(٦) في الأصل: أحللت.