الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

السيد أبو طالب الأخير #

صفحة 210 - الجزء 2

  التأريخ، فإن وجد وإلا عمل على الترجيح، فيأخذ عند ذلك بالتحقيق، أو سلك طريقة التلفيق، إن رفع⁣(⁣١) فيهما إلى المضيق أو يعدل إلى ما سواه من الدليل إن لم يتمكّن من التأويل، ففي السنة الخروج من السنة إذا لم تكن الآية بالممكنة {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}⁣[الأحزاب: ٢١] فسبيل المجتهدين فيه أن يتنبهوا: {ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}⁣[الحشر: ٧].

  وآمره إذا أعوزه ما تعلّق من هذين بالسّماع إلى طلب شاهد الإجماع فالإجماع يجري بعد الكتاب والسنة للمتمسّكين مجرى الجنّة، والطريقة الهادية إلى الجنة، من حيث دلّ الأوّلان عليه، وأشار الأفضلان إليه، واعتمد المسلمون أولا وآخرا عليه، فمهما وجد في إجماع العترة مندوحة عمّا عداها، ساق مطية⁣(⁣٢) الطلب إليه وحداها، فإن وجدهم موافقين لسائر الأمة كان المدار عليهم لجلاء الغمّة، وإن لم يجد لهم إجماعا ولا للأمّة، طلب الحقّ من أقوال ذي العصمة من الأئمة، فذلك يقوم مقام قول نبي الرحمة، وهم الوصي والسّبطان، عليهم صلوات الملك الديّان، وإليه أشار الرسول لمن سمعه حيث يقول: «عليّ مع الحقّ والحقّ معه» وقال الله تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ}⁣[البقرة: ١٤٣]. وكما قال تعالى لآل إبراهيم: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ}⁣[الحج: ٧٨].

  وآمره إذا لم يجد شفاء الصدور في هذه الأساس، أن يفزع إلى الاستنباط والقياس، ويتأنق في ردّ الفروع إلى الأصول، ليظفر من الغرض بالمحصول، متّخذا فكره مطيّة الوصول، فما وجد له أصلا عتيدا وركنا وطيدا وأساسا مهيدا


(١) في (أ): التفليق، إن دفع.

(٢) في (أ): مظنّة.