الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

السيد أبو طالب الأخير #

صفحة 211 - الجزء 2

  قريبا أم بعيدا أو شبيها مديدا ألحق به حكم الفرع، وقضى حقّ دلالة الشّرع، وحقّق فيه تعليلا، وعلى العلّة دليلا ثم عوّل عليه تعويلا، فلا بد في كلّ حادثة من حجّة، وإن كانت ربما ولجت غموضا في لجة، فيستدعي مثيرا ذكيّا، ومستنبطا زكيّا يلزم طريق التهذيب والتنقيح، ويشرف على حقائق التشذيب والترجيح، ولا يمهل⁣(⁣١) أقصى المطايا إلى الروايا، فعسى أن يتيح الله للحادثة وجها، لا يجد له في الوجوه شبها مقوّيا للظنّ المطلوب في الحكم المرغوب، هذا إذا لم يجد للإمام القاسم والإمام الهادي وابنيه $ - عليه نصا، بعد ما فحص عنه فحصا، فإن وجد له نصّا صار إليه، وقصر حكمه عليه، وإن لم يجد له من النصّ ما يرجع إليه، والأقرب إليه ما ينزل لديه ومال إلى سائر أقوال الأئمة إذ⁣(⁣٢) كان الحق لا يخرج عن هذه الفرقة المهديّة، وإنما يعدل إلى الاجتهاد إذا لم يجد شيئا من هذه الأمّهات، وهي المتون والعيون: {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}⁣[النحل: ٤٣].

  وآمره أن لا يخل بمحاورات العلماء، ومناظرات الفقهاء، واستشارة البصراء واستثارة آراء النظراء، والتّثبّت في النظر والارتياء، غير متعسّف عند الخفاء، ولا متوقّف عند انكشاف الغطاء، وتبيّن الرشد من الغي، والصواب من الخطأ فالآراء مشتركة، والطرق مشتبكة، والمدار على ما يؤتيه الله من الذكاء، وجودة القريحة والسناء، ودراسة كتب الأجلاء دون الاتكال على تقليد الكبراء والاستنابة إلى أرباب الأسماء، والتوفيق من ربّ السماء، والتحقيق رائد الذكاء، والتدقيق والنظر سبب النماء، والحقّ للطالب بالحداء ما فرّط اللّه في بيان الأشياء، ولا فرّط فيه خاتم الأنبياء، وإنما يؤتى المخطئ من متابعة الأهواء،


(١) في (أ): يهمل.

(٢) في (أ): إذا كان ذاك.