السيد أبو طالب الأخير #
  وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ}[النور: ٢٤].
  وآمره أن لا يلقّن أحد الخصمين الحجة ولا يمكن الوكلاء من المعاون لجة، أو يسلطوا على أحد منهما سخطة أو ضجة، أو يرتشوا فيتركوا لأجل النفع محجة، ويعلوا في سوم الوكالة فيصدوا عن طلب الحق بما يشعرون من الجعالة، وربما أو في أجر الوكيل على ما يدعي من القليل، فيضطر الناس إلى ترك الحق حذرا مما يشاقه من المحق.
  وآمره بأن يمهل عند عرض اليمين عن منكر المال ريث اشتغاله بالبحث عن جور اليمين والسؤال، فربما شك الحالف في كيفية الحال والقبض عن كشف القناع في ذلك المقام فزعا من تعجل الخصم للانتقام، وربما خاف ذا الجلال والإكرام، فيريد أن يسلك طريقة التحرج عن الإقسام، والتورّع عن طلب الحرام، فلا يضيق عليه ليميّز جائز الإقدام من محظور الإحجام إلى أنحاء ذلك من أغراض الأنام، وهكذا يتثبت في تعديل الشهود وجرحهم وقبولهم وطرحهم واختيار الصالحين من المزكيين والجارحين، فقد كثر في هذا الباب التدليس، وعظم التجويز والتلبيس، وقلّ الصدق في الناس والأمانة، وفشا الطمع والكذب والمين والخيانة، وأخلق في أعين الأكثرين التدين والصيانة، وندر التعفف الحقيقي والديانة، وصارت الشهادة صناعة وحرفة، والأمانة والتورّع طرفة، يستأكلون بالأكاذيب، ويلبسون مسوك الشياه فوق قلب الذيب، يراءون الناس ولا يخافون البأس، يحتالون طويلا ولا يذكرون الله إلا قليلا، فإن لم يجد معدّلا ولا معدّلا ولا مزكيا معوّلا باشر بنفسه الفحص عن الأحوال ليستبين الصواب من المحال، فما وثق به من أخبار الرجال مجانبا طريقة الاستعجال، وما فلق الظن فيه ترتب وتثبّت {إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ}[الحجرات: ٦]، ويقدم للشهود