السيد أبو طالب الأخير #
  أيضا عظات ولا يدع الوكلاء يلقنوهم لفظات، فالعامة عمي عن مراشد الحق، بكم عن مواقف الصريح من الصدق، والوكيل يجعل الكودن(١) جوادا لتجلّده، ويصيّر البليد ذكيا مع تبلّده، {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}[النور: ١٥] فإن عثر على شاهد زور تعمده، بالغ في زجره، وأوعز إلى الناس بهجره، وشهر إلى الناس حال إفكه وهجره، ومتى رجع عن شهادته ضمّنه ما يلزمه بحكم الشرع بعد مبالغته في الزجر والردع، وإن عثر من المزكي على مسامحة وتسمح ومساهلة عزله أوحى عزل، وعذله أدهى عذل، وكشف للناس قناع مخازيه، فالله معاقبه ومجازيه، {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}[يونس: ٨١].
  وآمره بمن لم يصل إلى مجلسه ممن نأى من أقطار ولايته أن يستخلف من يثق باستقلاله وكفياته وورعه ورعايته في تنفيذ الأحكام، ويحكم بما يحكم به سائر الحكام، ويعينه على الحكم بين أولئك الإخوان، فإنما الدين بالأعوان، وأن يؤدي إلى المصلحين عند طلبهم الصلح ليكون أدنى إلى الفلاح والنجاح {وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً}[النساء: ١٢٩].
  وآمره بحفظ أموال اليتامى: {حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ}[النساء: ٦]، فإن لم تؤنسوا الرشد توقع أن يصلح الله تعالى حالهم، ويتقدم إلى من ينصبه من ثقات الأوصياء، ومن ثبته الله من الأولياء كالأجداد والآباء للمنقصي(٢) العقول والقاصرين عن المعقول أن يجروا على حكم الشفقة، لئلا يذهب رأس المال بالنفقة، وينصب على من يتّهم مشرفا يراعي دخلهم، ويستدرك إن جادلوا دغلهم. وأن يعرف من جنف
(١) الكودن: الفرس الهجين.
(٢) في (ب): المنتقصي.