ذكر طرف من مناقبه وأحواله #
  وكان كل من سأله # ممن له أيسر معرفة، يروم المطالبة بالدليل، فكان # يسلك بهم طريقة الرفق واللين، إذ كان ذلك شيمة له معروفة، وسجية مألوفة، وطريقة موصوفة، وشنشنة(١) مشهورة.
  ومن كتبه # الرسالة الكافية إلى أهل العقول الوافية. ومنها الرسالة النافعة بالأدلة القاطعة، وذكر عليا # وفتحه خيبر، فقال في حقه ومن تقدم عليه من الصحابة:
  قد عرّفوا طرق التقديم لو عرفوا ... لكنهم جهلوا والجهل ضرّار
  ساروا برايته فاسترجعوا هربا ... والخيل تعثر والأبطال فرار
  حتى إذا انسدّ وجه الفتح واختلجت ... خواطر من بني الدنيا وأفكار
  نادى أبا حسن موفي مواعده ... صبحا وقد شخصت في ذاك أبصار
  فجاء كالليث يمشي خلف قائده ... إذ كان في عينه ضر وعوار
  فمج فيها بريق طعمه عسل ... وريحه المسك لم يفضضه عطار
  وقال خذها وصمم يا أبا حسن ... فكان فتح وباقي الجيش صدار
  ومنها دعوات عدة:
  منها الدعوة العامة التي ابتدأها، وفيها من غزير الكلام، وبديع النظام ما يدل على علو منزلته في العلم، ودعوات عدة بعدها. منها دعوته إلى إسماعيل، ومنها دعوته إلى جكو، ومنها دعوته إلى خوارزم شاه، ومنها دعوته الأخيرة إلى أهل اليمن جندهم ورعاياهم، أنشأها في سنة اثني عشرة وستمائة بكوكبان، ولقد جمع فيها على التحقيق علما جما، ففيها في الوعظ والتذكير ما يأخذ بمجامع القلوب، ويصد عن ارتكاب الحوب، وفيها كثير في فضل العترة $، وفيها كلام في حكاية أحوال كثير من خلفاء بني العباس وما فعلوه ببعضهم بعضا من أنواع النكال، وفيها طرف من السير، وفيها الحث العظيم على
(١) الشنشنة: الخلق والطبيعة. مختار الصحاح ٣٤٩.