الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #، وانتصابه للأمر العام ومنتهى عمره #

صفحة 288 - الجزء 2

  على ضعفه وكبره. حتى لقد روى لنا الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة خلد الله ملكه أنه رأى قدميه قد ورمتا وكثر تعبه ونصبه في بلاد عذر والأهنوم في الدعاء إلى أمير المؤمنين # إلى غير ذلك من الجهات. ووصلت الدعوة الشريفة إلى جهات تهامة ومخلاف بني سليمان، فقام بأمرها السيد الفاضل العالم نظام الدين يحيي بن علي السليماني قدس اللّه روحه وانتشرت في سائر الأقطار، وتقدم الإمام بعد مدة إلى جهة الجوف، فأقام في براقش مدة والناس يفدون إليه من كل ناحية وينقلب منهم من ينقلب وقد شايع وتابع.

  وكان الشيخ الفاضل عزان بن سعد ¥ من جملة من وصل إليه وكان قد أراد الحج فمر عند الإمام #، فلما مثل بين يديه وبايعه قال: واللّه لقد رأيت رسول اللّه ÷ وصورته وثيابه على صورة الإمام وثيابه، وكان منامه هذا من جملة الألطاف الداعية له إلى الالتزام بطاعة الإمام #، ثم أمره # بالرجوع إلى بلاده للدعاء إلى طاعته والقيام بأمر الدين، وكان | ذا جدّ واجتهاد على رئاسته في قومه، وأقام # في الجوف مدة ثم تقدم إلى جهة اليمن، كلما مر بناحية أصلح فاسدها، وأعذب مواردها، وهدم دور الفساد حتى انتهى إلى المصانع واجتمع معه خلق كثير من كل ناحية، وحضر أكابر الفرقة الشقية المطرفية من الجهة النائية والدانية، فبايعوا وشايعوا واعترفوا بصحة إمامته ثم نكثوا بيعته ومرقوا عن طاعته.

  وكان من كلامه # في ذلك المقام بعد حمد اللّه والثناء عليه والصلاة على نبيه ÷ أن قال: يا معشر المسلمين إن اللّه لم يخلقكم عبثا، ولم يترككم⁣(⁣١) سدى، ولم يشرك في خلقكم أحدا، ولم يوجدكم للذات الدنيا، وخفض المعاش في المحيا، وإنما خلقكم لعبادته، وهداكم سبيل طاعته،


(١) في حاشية (أ): يهملكم.