ذكر بيعته #، وانتصابه للأمر العام ومنتهى عمره #
  وبين السبيل وأوضح الدليل، وجعلكم ممكنين، وعن فعل الخير غير ممنوعين ولا مأسورين، ثم بعث محمدا ÷ داعيا إلى الدين القويم، هاديا إلى الصراط المستقيم، مبلغا للرسالة، منقذا من الضلالة، بشيرا نذيرا، ظهيرا للحق نصيرا، فهدى ÷ وبصّر، وقرّب وبشّر، وأنذر وحذر وأعذر، فمن عباده من انتفع واهتدى، ومنهم من اختار الضلالة على الهدى، فذلل اللّه به أعناق الجبارين فخضعت، وقمع رؤوس المتكبرين فانقمعت، ووضع صياصي الظلم فاتضعت، ورفع ذرى الإسلام فارتفعت، ووسع مسالك الحق فاتسعت، فلما أصلح اللّه به عباده، وأكمل له دينه، قبضه إليه قابلا له، راضيا عليه، فصلى اللّه عليه وعلى آله وسلم صلاة تقارن روحه، وتنور ضريحه، وجعل بعده الحجة علي عباده كتابه المبين، وعترة رسوله الأمين، كما روي عن خاتم النبيين: «أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى»(١)، وقال ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا: كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»(٢).
  أيها الناس: إنه لما عظمت نعم اللّه لدينا، وجبت طاعته(٣) علينا، وصرنا أعلم الناس بالحلال والحرام، وأعرفهم بشريعة محمد #، وأولاهم بتدبير الأمور، وأبصرهم بسياسة الجمهور، ولم يبق لنا عند اللّه تعالى في
(١) الحاكم ٢/ ٣٤٣، وقال حديث صحيح على شرط مسلم وأخرجه أيضا في ٣/ ١٤٠، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والطبراني في الأوسط الصغير ٥ / برقم ٣٩٠، وفي الكبير ٣ / برقم ٢٦٣٦، والبزار ٢/ ٣٣٤ رقم ١٩٦٧ من مختصر زوائده لابن حجر.
(٢) المجموع للإمام زيد ٤٠٤، ومسلم عن زيد بن أرقم ٤/ ١٨٧٣ رقم ٢٤٠٨، والترمذي ٥/ ٦٢١ رقم ٣٧٨٦.
(٣) في (ب): حجته.