الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #، وانتصابه للأمر العام ومنتهى عمره #

صفحة 290 - الجزء 2

  الغفلة⁣(⁣١) معذرة في الدنيا والآخرة، قمنا إلى اللّه تعالى داعين، وإلى ما يرضيه ساعين، ولأمره مطيعين، ولهديه متبعين، حيث قال في كتابه المبين: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}⁣[آل عمران: ١٠٤]، فدعونا الناس إلى رضى اللّه جاهدين، هادين إلى الحق مهتدين، باذلين النفوس والأموال مجاهدين، وقد بلغتكم دعوتنا، وقرعت أسماعكم واعيتنا، ووجبت عليكم بيعتنا، وقد روي عن جدنا سيد البشر أنه قال: «من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه اللّه على منخريه في نار جهنم»⁣(⁣٢)، وقد طال ما أسبل الظلم رواقه، وألقى على بدر العدل محاقه، وأظهر الشيطان شقاقه، وأخذ على الظالمين ميثاقه، والآن قد أذن اللّه تعالى بعلو الحق واستظهاره، واشتهار العدل وانتشاره، ودمغ الباطل وخمود ناره، وهدم مناره وانطماس آثاره، فبادروا رحمكم اللّه فقد وجب عليكم الفرض إلى جنة عرضها السماوات والأرض، واغتنموا الفرصة قبل نزول الغصة، واستقصاء كل قصة، وانظروا لأنفسكم ما دمتم في مهل قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل والسؤال عن العمل. واعلموا أنا قد أطلقنا لمن أنكر دعوتنا وكره بيعتنا المطالبة بالحجة والبيان، والسؤال عن واضح البرهان، والبروز إلى مضمار الامتحان، فقفوا على العينة، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة، واصدقوا النية، واسلكوا السبيل الجلية، وخذوا الفائدة نقدا لا نسيّة فهذا الفرس وهذا الميدان، لكل شاسع ودان، ولا تأخذوا في دينكم إلا بالوثيقة، ولا تعلموا إلا على البصيرة والحقيقة، وتعاونوا على البر والتقوى، وتناهوا عن المنكر واتباع


(١) في (ب) ساقطة: الغفلة.

(٢) أخرجه المؤيد بالله في التجريد ٢/ ٢٥٥، والطبري في تاريخه ٥/ ٤٠٧ في سياق كلام الحسين #.