ذكر بيعته #، وانتصابه للأمر العام ومنتهى عمره #
  الهوى، وزعوا نفوسكم عما تحب وتهوى. {هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يوسف: ١٠٨] {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}[هود: ٨٨].
  وكان الفقيه الفاضل شهاب الدين أبو القاسم بن الحسين بن شبيب التهامي ¥ في صحبة الإمام # وغيره من عيون أهل العلم رضوان اللّه عليهم، فقام بين يدي الإمام # في ذلك الموقف(١) في جهة المصانع، فقال بعد حمد اللّه والثناء عليه والصلاة على رسوله ÷: يا معشر القبائل، ويا أسود الجحافل، ويا خطباء المحافل، ويا معشر المسلمين خاصة، دون الناس عامة، إني قائل فاسمعوا، فإذا سمعتم فعوا، اعلموا أن الأمر الذي كنتم تطلبونه، والنور الذي كنتم توقعونه، وتعدون له الليالي والأيام، والشهور والأعوام، ها هو في عترة نبيكم ÷ قد لمع، وضياؤه قد سطع، وقائمهم بالفضائل قد جمع، وفي العلم قد برع، وفارق الطمع، وباشر الورع، وفارق الراحة، وجانب الاستراحة، واشتدت على الظالمين شكيمته، وتقوت عزيمته، وغزرت ديمته، وعلت همته، وقام في اللّه تعالى راغبا، ولأعدائه مناصبا، ولصلت جبينه ناصبا، حين بدّلت الأحكام، وعطّلت شرائع الإسلام، وشرب المدام، وارتكبت الآثام، واستغني عن الحلال بالحرام، وكثر الفساد بالبلاد، واستطالت أيدي أهل العناد، فبايعه السادة الأجلاء، والكبراء الفضلاء، أهل السؤدد الباذخ، والشرف الشامخ، والعلم البارع، والورع الرائع، من أهل بيت محمد ÷ وغيرهم من أولياء اللّه المتقين، والعلماء المخلصين، وأهل الورع واليقين، بعد الاعتبار والبر والاختبار، فوجدوه خضمّا لا تنزفه الدّلاء، وطودا لا يناله
(١) في حاشية «أ»: في بعض مواقفه.