فصل نختم به الكتاب
  وما أنا ممن يزجر الطير همّه ... أصاح غراب أم تعرّض ثعلب
  ولا السانحات البارحات عشيّة ... أمرّ سليم القرن أم مرّ أعضب
  ولكن إلى أهل الفضائل والنّهى ... وخير بني حواء والخير يطلب
  فقال الفرزدق: هؤلاء بنو دارم، فقال الكميت:
  إلى النفر البيض الّذين بحبّهم ... إلى اللّه فيما نابني أتقرّب
  بني هاشم رهط النّبي فإنني ... لهم وبهم أرضى مرارا وأغضب
  فقال: واللّه لو جزتهم إلى من سواهم لذهب قولك باطلا، وفيها يقول:
  خفضت لهم مني جناحي مودّة ... إلى كنف عطفاه أهل ومرحب
  وكنت لهم من هؤلاك ومن أولا(١) ... مجنا على أنّي أذمّ وأقصب
  وأرمى وأرمي بالعداوة أهلها ... وإني لأوذي فيهم وأؤنّب
  فما ساءني قول امرئ ذي سفاهة ... بعوراء فيهم يجتديني فأجدب
  فما لي إلّا آل أحمد شيعة ... وما لي إلا مذهب الحق مذهب(٢)
  ومن غيرهم أرضى لنفسي شيعة ... ومن بعدهم لا من أجلّ وأرجب
  يعيّرني جهّال قومي بحبّهم ... وبغضهم أدنى لعار وأعطب
  فقل للذي في ظل عمياء جونة ... يرى الجور عدلا لا إلى أين تذهب
  بأيّ كتاب أم بأية سنة ... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
  أأسلم ما تأتي به من عداوة ... وبغض لهم لا جير بل هو أشجب
  ستقرع منها سنّ خزيان نادم ... إذا اليوم ضمّ الناكثين العصبصب
  أريب رجالا منهم وتريبني ... خلائق مما أحدثوا هنّ أريب
  إليكم ذوي آل النّبي تطلّعت ... نوازع من قلبي ظماء وألبب
(١) في هاشميات الكميت «وهؤلاء».
(٢) روي في ديوان الكميت «وما لي إلا مشعب الحق مشعب» وهو بنفس المعنى فيقال: شعب إذا ذهب.