الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 62 - الجزء 1

  أضل من مصرعي. وروي أن أمير المؤمنين ~ دفع رايته يوم الجمل إلى محمد بن الحنفية، وقال: تقدم يا بني، فتقدم، ثم وقف ساعة، فصاح به:

  اقتحم لا أم لك، فحمل محمد وطعن بها في أصحاب الجمل طعنا منكرا فاعجب به #، فجعل ينشد:

  أطعن بها طعن أبيك تحمد ... لا خير في الحرب إذا لم توقد

  ورجع ثم استل أمير المؤمنين # سيفه وحمل على القوم فضرب فيهم يمينا وشمالا ورجع وقد انحنى سيفه فجعل يسويه بركبتيه، فقيل له: نحن نكفيكها يا أمير المؤمنين، فلم يجب أحدا حتى سواه، ثم حمل ثانيا حتى اختلط بهم، ثم رجع، وقد انحنى سيفه فوقف يسويه بركبتيه، ويقول: والله ما أريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة، ثم التفت إلى ابنه محمد وقال: هكذا فاصنع يا بني.

  وخرج عمرو بن اليثربي وقتل ثلاثة من أصحاب أمير المؤمنين، وطلب البراز، فخرج إليه عمّار، وألقاه عن فرسه وجرّه حتى ألقاه بين يدي أمير المؤمنين، فأمر بضرب عنقه، فقال: استبقني لأقتل منهم مثل ما قتلت من أصحابك، فقال:

  أبعد ثلاثة من أصحابي! فقال: أدن مني أذنك أكلمك، فقال: أنت رجل متمرد، وقد أخبرني رسول الله ÷ بكل متمرد، فقال: لو أدنيت مني لقطعت أذنك، وقتل، فخرج أخوه عبد الله بن اليثربي يرتجز ويقول:

  أضربكم ولو أرى عليّا ... عممته أبيض مشرفيا

  فخرج علي # وهو يقول:

  أثبت لتلقاه به مليّا ... مهذبا سميدعا كميا

  فحمل عليه علي # فضربه ضربة رمى بنصف رأسه فقتله وانصرف. فصاح صائح من خلفه، فالتفت فإذا بعبد الله بن خلف الخزاعي صاحب منزل عائشة، فقال: ما تشاء يا ابن خلف؟ فقال: هل لك في المبارزة؟ قال: ما أكره ذلك، ولكن