(وقعة الجمل)
  ما راحتك في القتل؟ فقال: ترى أيّنا يقتل صاحبه؟ ثم جعل يرتجز:
  إن تدن مني يا علي فترا ... فإنني دان إليك شبرا
  بصارم يسقيك كأسا مرّا ... ها إنّ في صدري عليك وترا
  فثنى عليّ # عنانه، وأنشأ يقول:
  يا ذا الذي يطلب مني الوترا ... إن كنت تبغي أن تزور القبرا
  حقا وتصلى بعد ذاك الجمرا ... فادن تجدني أسدا هزبرا
  أسعطك اليوم زعافا مرّا
  وتطاعنا وتضاربا فضربه علي # ضربة رمى بيمنه، ثم ثناه ضربة أخرى فأطار قحف رأسه، ثم وقف عليه وجعل يرتجز:
  إياي تدعو في الوغى يا ابن الأرب .... . . من أبيات
  ولما عرقب الجمل ووقع، دنا أمير المؤمنين على بغلة رسول الله ÷ فقرع الهودج برمحه وقال: يا عائشة، أهكذا أمرك رسول الله ÷؟ فقالت عائشة:
  قد ظفرت فأحسن، فقال لمحمد بن أبي بكر: شأنك بأختك، فأدخلها البصرة ثم ردّها إلى المدينة.
  وروي عن أبي جعفر # أن أمير المؤمنين ~ يوم الجمل كان في خمسة عشر ألفا، وطلحة والزبير في خمسة وثلاثين ألفا، فما كان إلا ثلاث ساعات أو أربع حتى قتل من الفريقين زهاء نيف وعشرين ألفا، ولما انهزم أصحاب الجمل بعث أمير المؤمنين ابن عباس إلى عائشة في خمسين نسوة من أهل البصرة يأمرها بالانصراف إلى بيتها بالمدينة الذي تركها فيه رسول الله ÷، وقال له: قل لها: إن الذي يردها خير من الذي يخرجها، ثم نادى مناديه:
  لا تجيزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرا، ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا امرأة: من دخل داره وألقى سلاحه فهو آمن، وما حوت المنازل والدور فهو ميراث. وإنما فعله، لأنه لم يكن لهم فيئة.