الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 76 - الجزء 1

  لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفنا أنّا على الحق وهم على الضلالة، وقال ÷ لعمار: «تقتلك الفئة الباغية» وآخر زادك ضياح⁣(⁣١) من لبن، فلما كان اليوم الذي قتل فيه شرب شربة من لبن، ثم كان يقول الجنة الجنة تحت الأسنة، اليوم ألقى الأحبة محمدا وحزبه.

  وممن كان مع أمير المؤمنين # يوم صفين أويس القرني المشهور فضله، رحمة الله عليه ورضوانه، وكانت الوقائع بصفين تسعين وقعة، وأقام أمير المؤمنين # بصفين ومعاوية مائة يوم وعشرة أيام حتى أفضى الأمر إلى التحكيم.

  قال السيد أبو العباس ¥ بإسناده عن الحارث بن أدهم: إن الناس بصفين زحف بعضهم إلى بعض وارتموا بالنبل حتى فنيت، ثم تطاعنوا بالرماح حتى تكسّرت، ثم مشى بعضهم إلى بعض بالسيوف وعمد الحديد فلم يسمع السامعون إلا وقع الحديد بعضه على بعض لهو أشد هولا في صدور الرجال من الصواعق.

  وأخذ الأشتر رحمة الله عليه فيما بين الميمنة والميسرة فاجتلدوا بالسيوف وعمد الحديد من صلاة الغداة إلى نصف الليل لم يصلوا لله صلاة، فلم يزل يفعل ذلك الأشتر بالناس حتى أصبح من المجالدة، وهي ليلة الهرير⁣(⁣٢).

  وفي رواية من غير السيد أبي العباس |، أن عليا # قتل في ليلة الهرير خمسمائة ونيفا وثلاثين رجلا. قال السيد أبو العباس: قال نصر عن عمر ابن سعد عن عمارة بن ربيعة قال: مرّ بي والله الأشتر فأقبلت معه فقال: شدوا فداكم عمي وخالي شدّة ترضون الله بها وتعزون بها الدين، ثم شد بالقوم حتى انتهى بهم إلى عسكرهم، ثم قاتلوا عند العسكر قتالا شديدا، وأخذ علي # لما رأى الظفر قد جاء من قبله يمده بالرجال، وجعل علي # يقول لم يبق منهم إلا


(١) ضياح: اللبن الرقيق الممزوج. لسان العرب ٢/ ٥٢٧.

(٢) المصابيح ٣١٨ رقم ١٦٥، وشرح نهج البلاغة ١/ ٤٢٠، وقعة صفين لابن مزاحم ٤٧٤.