الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 77 - الجزء 1

  آخر نفس، فدعا معاوية عمرو بن العاص فقال: ما ترى، فقال: إن رجالك لا يقومون برجاله، ولست مثله يقاتلك على أمر وتقاتله على غيره، أنت تريد البقاء وهو يريد الفناء، وأهل العراق يخافون منك إن ظفرت بهم، وأهل الشام لا يخافون من علي إن ظفر بهم، ولكن ألق إليهم أمرا إن قبلوه اختلفوا، وإن ردوه اختلفوا، ادعهم إلى كتاب الله حكما فيما بينك وبينهم، فإنك بالغ به حاجتك⁣(⁣١).

  قال نصر: حدثنا عمرو بن سمرة بإسناده عن جابر قال: سمعت تميم بن خزيم يقول: لما أصبحنا من ليلة الهرير، نظرنا فإذا المصاحف ربطت على رؤوس الرماح. قال أبو جعفر وأبو الطفيل: وضعوا في كل مجنبة⁣(⁣٢) مائتي مصحف، فكان جميعها خمسمائة مصحف، ثم نادوا هذا كتاب الله بيننا وبينكم، وأقبل الأشتر على فرس كميت قد وضع مغفره على قربوس السرج يقول: اصبروا يا معشر المسلمين، قد حمي الوطيس واشتد القتال قال نصر في حديث عمر بن سعد: فلما رفع أهل الشام المصاحف قال علي #: أنا أحق من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إني لأعرف بهم منكم، صحبتهم صغارا ورجالا، وكانوا شر صغار، وشر كبار⁣(⁣٣)، وما رفعوها إلا خديعة، فجاءه من أصحابه قدر عشرين ألفا مقنعين في الحديد، سالّي سيوفهم على عواتقهم، قد اسودّت جباههم من أثر السجود، فقالوا: يا علي أجب القوم إلى كتاب الله أو نقتلك كما قتلنا ابن عفان، وابعث إلى الأشتر فيأتيك، فقال الأشتر: أمهلوني فواق ناقة لقد أحسست بالظفر، فقالوا له: تحب أنك ظفرت ويقتل أمير المؤمنين، أو يسلّم إلى عدوه، فأقبل حتى انتهى


(١) المصابيح ٣١٨، وقعة صفين (٤٧٦ - ٤٧٧).

(٢) المجنبة: بكسر النون المشددة: ميمنة الجيش وميسرته، وبفتحها مقدمة الجيش.

(٣) في (ب، ج): ورجال.