(44) شرح إعراب سورة حم (الدخان)
  جعفر: وهذا قول صحيح بيّن يدلّ عليه أن حذرا لا يتعدّى عند النحويين.
  {كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ ٢٨}
  الكاف في موضع رفع أي الأمر ذلك، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى كذلك يفعل بمن يهلكه وينتقم منه.
  {فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ٢٩}
  {فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ} أكثر أهل التفسير على أنه حقيقة وأنها تبكي على المؤمن موضع مصلّاه من الأرض وموضع مصعده من السماء. وقيل: هو مجاز والمعنى: وما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض وقول ثالث نظير قول العرب: ما بكاه شيء، وجاء بكت على تأنيث السماء. وزعم الفراء(١): أنّ من العرب من يذكّرها.
  {وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ ٣٠}
  نعت للعذاب، وزعم الفراء أن في قراءة عبد الله {مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ}(٢) وذهب إلى إضافة الشيء إلى نفسه مثل: {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: ٥]. قال أبو جعفر: وإضافة الشيء إلى نفسه عند البصريين(٣) محال، والقراءة مخالفة للسواد، ولو صحّت كان تقديرها: من عذاب فرعون المهين ثم أقيم النعت مقام المنعوت ويكون الدليل على الحذف.
  {مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ ٣١}
  روي عن ابن عباس قال: من المشركين وعن الضحاك قال: من الفتّاكين.
  {وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ ٣٢}
  {وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ} الضمير يعود على بني إسرائيل أي اخترناهم للرسالة والتشريف {عَلى عِلْمٍ} لأن من اخترناه منهم للرسالة يقوم بأدائها {عَلَى الْعالَمِينَ} لكثرة الرسل فيهم وقيل: عالم أهل زمانهم.
  {وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ ٣٣}
  أصحّ ما قيل فيه أن البلاء هاهنا النعمة مثل وجميل بلائه لديك. قال الفراء(٤): وقد يكون البلاء هاهنا العذاب.
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٤١.
(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٤١، والبحر المحيط ٨/ ٣٧.
(٣) انظر الإنصاف المسألة رقم (٦١).
(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٤٢.