إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(44) شرح إعراب سورة حم (الدخان)

صفحة 87 - الجزء 4

  جعفر: وهذا قول صحيح بيّن يدلّ عليه أن حذرا لا يتعدّى عند النحويين.

  {كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ ٢٨}

  الكاف في موضع رفع أي الأمر ذلك، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى كذلك يفعل بمن يهلكه وينتقم منه.

  {فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ٢٩}

  {فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ} أكثر أهل التفسير على أنه حقيقة وأنها تبكي على المؤمن موضع مصلّاه من الأرض وموضع مصعده من السماء. وقيل: هو مجاز والمعنى: وما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض وقول ثالث نظير قول العرب: ما بكاه شيء، وجاء بكت على تأنيث السماء. وزعم الفراء⁣(⁣١): أنّ من العرب من يذكّرها.

  {وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ ٣٠}

  نعت للعذاب، وزعم الفراء أن في قراءة عبد الله {مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ}⁣(⁣٢) وذهب إلى إضافة الشيء إلى نفسه مثل: {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}⁣[البينة: ٥]. قال أبو جعفر: وإضافة الشيء إلى نفسه عند البصريين⁣(⁣٣) محال، والقراءة مخالفة للسواد، ولو صحّت كان تقديرها: من عذاب فرعون المهين ثم أقيم النعت مقام المنعوت ويكون الدليل على الحذف.

  {مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ ٣١}

  روي عن ابن عباس قال: من المشركين وعن الضحاك قال: من الفتّاكين.

  {وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ ٣٢}

  {وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ} الضمير يعود على بني إسرائيل أي اخترناهم للرسالة والتشريف {عَلى عِلْمٍ} لأن من اخترناه منهم للرسالة يقوم بأدائها {عَلَى الْعالَمِينَ} لكثرة الرسل فيهم وقيل: عالم أهل زمانهم.

  {وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ ٣٣}

  أصحّ ما قيل فيه أن البلاء هاهنا النعمة مثل وجميل بلائه لديك. قال الفراء⁣(⁣٤): وقد يكون البلاء هاهنا العذاب.


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٤١.

(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٤١، والبحر المحيط ٨/ ٣٧.

(٣) انظر الإنصاف المسألة رقم (٦١).

(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٤٢.