إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(62) شرح إعراب سورة الجمعة

صفحة 280 - الجزء 4

(٦٢) شرح إعراب سورة الجمعة

  

  {يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ١ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ٢}

  {يُسَبِّحُ} يكون للمستقبل والحال. {الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} نعت. وفيه معنى المدح، ويجوز النصب في غير القرآن بمعنى أعني، ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ، ويجوز على غير إضمار ترفعه بالابتداء والذي الخبر، وقد يكون التقدير هو الملك القدوس ويكون {الَّذِي} نعتا للملك فإذا خفضت كان {هُوَ} مرفوعا بالابتداء و {الَّذِي} خبره، ويجوز أن يكون «هو» مرفوعا على أنه توكيد لما في الحكيم ويكون «الذي» نعتا للحكيم {بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ} داخل في الصلة {يَتْلُوا عَلَيْهِمْ} في موضع نصب أي تاليا عليهم نعت لرسول {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ} معنى يزكيهم يدعوهم إلى طاعة الله ø فإذا أطاعوه فقد تزكّوا وزكّاهم {وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ويجوز إدغام اللام في اللام.

  {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٣}

  {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} في موضع خفض؛ لأنه عطف على الأميين، ويجوز أن يكون في موضع نصب معطوفا على «هم» من يعلّمهم أو على «هم» من يزكيهم، ويجوز أن يكون معطوفا على معنى {يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ} أي يعرّفهم بها {لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}. قال ابن زيد: أي لمن يأتي من العرب والعجم إلى يوم القيامة، وقال مجاهد: لمن ردفهم من الناس كلّهم. قال أبو جعفر: هذا أصحّ ما قيل به لأن الآية عامة ولمّا هي «لم» زيدت إليها «ما» توكيدا. قال سيبويه⁣(⁣١): «لمّا» جواب لمن قال: قد فعل، و «لم» جواب لمن قال:


(١) انظر الكتاب ٤/ ١٣٥.