إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(102) شرح إعراب سورة التكاثر

صفحة 177 - الجزء 5

(١٠٢) شرح إعراب سورة التكاثر

  

  {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ١ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ ٢}

  أصوب ما قيل في معناه أنّ المعنى: ألهاكم التكاثر عن طاعة الله جلّ وعزّ إلى أن صرتم إلى المقابر فدفنتم، ودلّت هذه الآية على عذاب القبر؛ لا بعدها {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ٣} أي إذا صرتم إلى المقابر. وروي عن زرّ عن علي بن أبي طالب ¥ نزل في عذاب القبر ألهاكم التكاثر، وقرأ إلى {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ٣} قال الفراء: واحد المقابر مقبرة ومقبرة وبعض أهل الحجاز يقول: مقبرة، وقد سمعت مشرقة ومشرقة ومشرقة.

  {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ٣ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ٤}

  {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ٤} تكرير عند الفراء. وأحسن منه ما قاله الضحاك قال: الأولى للكفار، وذهب إلى أن الثانية للعصاة من المؤمنين.

  {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ٥ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ٦}

  {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ٥} مصدر، وحذف جواب لو. والتقدير: لو تعلمون أنكم ترون الجحيم لمّا تكاثرتم في الدنيا بالأموال وغيرها. قال الكسائي: جواب {لَوْ} في أول السورة أي لو تعلمون علم اليقين ما ألهاكم التكاثر. وقرأ الكسائي {لَتَرَوُنَ}⁣(⁣١) بضمّ التاء. حكاه أبو عبيد عنه، وقرئ على إبراهيم بن موسى عن محمد بن الجهم عن أبي عبد الرّحمن عن علي بن أبي طالب ¥ أنّه قرأ {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها}⁣(⁣٢) الأولى بضمّ التاء والثانية بفتحها. قال أبو جعفر: والأولى عند الفرّاء⁣(⁣٣) وأبي عبيد فتحها، لأن التكرير يكون متفقا. قال أبو جعفر: والأحسن ألا يكون تكريرا، ويكون المعنى لترونّ الجحيم في موقف القيامة.


(١) انظر تيسير الداني ١٨٢.

(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ٥٠٦.

(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٨٨.