إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(63) شرح إعراب سورة المنافقين

صفحة 284 - الجزء 4

(٦٣) شرح إعراب سورة المنافقين

  

  {إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ١}

  {إِذا} في موضع نصب بجاءك إلا أنها غير معربة لتنقّلها وفي اخرها ألف، والألف لا تحرّك، وجواب إذا {قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ} كسرت «إن» لدخول اللام وانقطع الكلام فصارت إنّ مبتدأة فكسرت {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ} وأعيد اسم الله تعالى ظاهرا؛ لأن ذلك أفخم قيل: أكذبهم الله جلّ وعزّ في ضميرهم. ومن أصحّ ما قيل في ذلك أنّهم أخبروا أنّ أنفسهم تعتقد الإيمان وهم كاذبون فأكذبهم الله.

  {اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ٢}

  {اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً} قال الضّحاك: هو حلفهم بالله أنّهم لمنكم، وقال قتادة: جنّة إنّهم يعصمون به دماءهم وأموالهم، وقرأ الحسن {اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ}⁣(⁣١) أي تصديقهم سترة يستترون به كما يستتر بالجنّة في الحرب فامتنع من قتلهم وسبي ذراريهم لأنهم أظهروا الإيمان {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ} يجوز أن يكون المفعول محذوفا أي صدّوا الناس، ويجوز أن يكون الفعل لازما أي أعرضوا عن سبيل الله أي دينه الذي ارتضاه وشريعته التي بعث بها نبيّه {إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} من حلفهم على الكذب ونفاقهم، و «ما» في موضع رفع على قول سيبويه أي ساء الشيء وفي موضع نصب على قول الأخفش أي ساء شيئا يعملون.

  {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ٣}


(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٢٦٧ (قرأ الجمهور «أيمانهم» بفتح الهمزة، والحسن بكسرها مصدر أمن).