إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(17) شرح إعراب سورة الإسراء

صفحة 264 - الجزء 2

(١٧) شرح إعراب سورة الإسراء

  

  {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١}

  روي عن طلحة بن عبيد الله ¥ أنه قال: سألت رسول الله عن معنى: {سُبْحانَ اللهِ}، فقال: تنزيها لله من كل سوء. قال أبو جعفر: شرح هذا أنه بمعنى تبعيد الله جلّ وعز عن كلّ ما نسبه إليه المشركون من الأنداد والأضداد والشركاء والأولاد ونصبه عند الخليل وسيبويه⁣(⁣١) رحمهما الله على المصدر أي: سبّحت الله تسبيحا، إلّا أنه إذا أفرد كان معرفة منصوبا بغير تنوين لأن في آخره زائدتين وهو معرفة، وحكى سيبويه أنّ من العرب من ينكره فيصرفه، وحكى أبو عبيد في نصبه وجهين سوى هذا، إنه يكون نصبا على النداء أي يا سبحان الله، والوجه الآخر: أن يكون غير موصوف. {الَّذِي} في موضع خفض بالإضافة. وقال: سرى وأسرى لغتان معروفتان. {بِعَبْدِهِ لَيْلاً} على الظرف {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} نعت للمسجد. وأصل الحرام المنع فالمسجد الحرام ممنوع الصيد فيه. قال أبو إسحاق: ويقال للحرم كلّه: مسجد. {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} نعت له، وكذلك {الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ} قيل: معنى باركنا حوله أن الأنبياء $ الذين كانوا بعد موسى من بني إسرائيل كانوا ببيت المقدس وما حوله فبارك الله جلّ وعزّ في تلك المواضع بأن باعد الشرك منها، ولهذا سمّي ببيت المقدس لأنه قدّس أي طهّر من الشرك. {لِنُرِيَهُ} نصب بلام كي وهي بدل من أن وأصلها لام الخفض.

  {وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً ٢ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً ٣}

  {وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ} مفعولان، وكذا {وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ}. {أَلَّا تَتَّخِذُوا}


(١) انظر الكتاب ١/ ٣٨٦.