إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(48) شرح إعراب سورة الفتح

صفحة 133 - الجزء 4

  والروم. قال مجاهد وعطية العوفي: {إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} قال: فارس. قال أبو جعفر: فكانت في هذه الآية دلالة على إمامة أبي بكر وعمر وفضلهما ® وأنهما أخذا الإمامة باستحقاق لقول الله جلّ وعزّ {فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً} ولا يجوز أن يعطى الله جلّ وعزّ أجرا حسنا إلّا لمن قاتل على حقّ مع إمام عادل. قال الكسائي: {تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} على النسق. وقال أبو إسحاق: «أو يسلمون» مستأنف، والمعنى أو هم يسلمون. قال الكسائي: وفي قراءة أبيّ بن كعب أو يسلموا⁣(⁣١) بمعنى حتّى يسلموا، والبصريون يقولون: بمعنى إلى أن كما قال: [الطويل]

  ٤٢٨ - أو نموت فنعذرا⁣(⁣٢)

  {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً ١٧}

  {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} أصل الحرج في اللغة الضيق. وعن ابن عباس: أن هذا في الجهاد، وأنه كان في وقعة الحديبية فيمن تخلّف عنها.

  {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ١٨}

  {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} قال جابر كنا ألفا وأربع مائة بايعنا على أن لا نفرّ. {وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} أكثر أهل التفسير على أنه خيبر كانت لأهل الحديبية، وقيل: هو فتح الحديبية. قال الزهري: وكان فتحا عظيما.

  {وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً ٢٠}

  {فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ} فأهل التفسير على أنها خيبر {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} عن ابن عباس والحسن قال: هو عيينة بن حصن الفزاري وقومه وعوف بن مالك النضري ومن معه جاءوا لينصروا أهل خيبر، ورسول الله محاصر لهم فألقى في قلوبهم الرعب قال جلّ وعزّ: {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} وقيل: المعنى: ولتكون المغانم آية أي دلالة على صدق النبيّ وإخباره بالغيب.


(١) انظر مختصر ابن خالويه ١٤٢، والبحر المحيط ٨/ ٩٤.

(٢) مرّ الشاهد رقم ١٤٨.