إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(57) شرح إعراب سورة الحديد

صفحة 239 - الجزء 4

  ومن ذكّرها فلأنها والفداء واحد وهي البدل والعوض {وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي لا يؤخذ من الذين كفروا بدل ولا عوض من عذابهم {مَأْواكُمُ النَّارُ} أي مسكنكم النار مبتدأ وخبره، وكذا {هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي وبئس المصير النار ثم حذف هذا.

  {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ ١٦}

  وعن الحسن {أَلَمْ يَأْنِ}⁣(⁣١) يقال: أإن يئين وأني يأنى وحان يحين، ونال ينال وأنال ينيل بمعنى واحد و «أن» في موضع رفع بيأن. {وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ} «ما» في موضع خفض أي ولما نزل، هذه قراءة شيبة ونافع، وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو وابن كثير والكوفيون {وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ}⁣(⁣٢) وعن عبد الله بن مسعود أنه قرأ وما أنزل من الحقّ وأبو عبيد يختار التشديد؛ لأن قبله ذكر الله جلّ وعزّ. قال أبو جعفر: والمعنى واحد؛ لأن الحق لا ينزل حتّى ينزله الله ø، وليس يقع في هذا اختيار وله جاز أن يقال في مثل هذا اختيار لقيل: الاختيار نزل: لأن قبله {لِذِكْرِ اللهِ} ولم يقل لتذكير الله. {وَلا يَكُونُوا}⁣(⁣٣) {كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ} يكونوا في موضع نصب معطوف على «تخشع» أي وألا يكونوا، ويجوز أن تكون في موضع جزم. والأول أولى؛ لأنها واو عطف، ولا يقطع ما بعدها ممّا قبلها إلّا بدليل {فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} قال مجاهد الدّهر. {فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} أي لم تلن ولم تقبل الوعظ. {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ} مبتدأ وخبره ولم يعمّوا بالفسق؛ لأن منهم من قد آمن، ومنهم من لم تبلغه الدعوة، وهو مقيم على ما جاء به نبيه .

  {اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ١٧}

  {اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} قيل: فالذي فعل هذا هو الذي يهدي ويسدّد من أراد هدايته ومن ضلّ عن طريق الحقّ. {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي بالحجج والبراهين لتكونوا على رجاء من أن تعقلوا ذلك، هذا قول سيبويه. وغيره يقول: «لعلّ» بمعنى «كي» ولو كان كذلك لكان تعقلوا بغير نون.

  {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ١٨}


(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٢٢٢.

(٢) انظر تيسير الداني ١٦٩ (قرأ نافع وحفص «وما نزل» مخفّفا والباقون مشدّدا).

(٣) انظر البحر المحيط ٨/ ٢٢٢ (بالياء قراءة الجمهور، وبالتاء قراءة أبي حيوة وابن أبي عبلة وإسماعيل عن أبي جعفر وعن شيبة ويعقوب وحمزة).