إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(2) شرح إعراب سورة البقرة

صفحة 116 - الجزء 1

  التاء. {لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها} في موضع جزم بالنهي وفتحت الراء لالتقاء الساكنين ويجوز كسرها وهي قراءة، وقرأ أبو عمرو {لا تُضَارَّ}⁣(⁣١) جعله خبرا بمعنى النهي وهذا مجاز والأول حقيقة. وروى أبان⁣(⁣٢) عن عاصم لا تضارر والدة وهذه لغة أهل الحجاز. قال أحمد بن يحيى: يجوز أن يكون تقدير «لا تضارّ والدة» لا تضارر ثم أدغم. قال أبو جعفر: لا تضارّ والدة اسم ما لم يسمّ فاعله إذا كان التقدير لا تضارر وإن كان التقدير لا تضارر كانت رفعا بفعله. {وَلا مَوْلُودٌ} عطف عليها بالواو ولا توكيد. {وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ} رفع بالابتداء أو الصفة. {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ} التقدير في العربية وإن أردتم أن تسترضعوا أجنبية لأولادكم وحذفت اللام لأنه يتعدّى إلى مفعولين أحدهما بحرف وأنشد سيبويه: [البسيط]

  ٥١ - أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب⁣(⁣٣)

  {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ٢٣٤}

  {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً} يقال أين خبر «الذين» ففيه أقوال قال الأخفش سعيد: التقدير: والذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجا يتربّصن بأنفسهنّ بعدهم أو بعد موتهم، ثم حذف هذا كما يحذف شيء كثير، وقال الكسائي: في التقدير يتربّص أزواجهم كما قال جلّ وعزّ {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً}⁣[التوبة: ١٠٧ - ١٠٨] أي لا تقم في مسجدهم وقال الفراء⁣(⁣٤): إذا ذكرت أسماء ثم ذكرت أسماء مضافة إليها فيها معنى الخبر وكان الاعتماد في الخبر على الثاني أخبر عن الثاني وترك الأول. قال أبو إسحاق: هذا خطأ لا يجوز أن يبتدأ باسم ولا يحدّث عنه. قال أبو جعفر: ومن أحسن ما قيل فيها قول أبي العباس محمد بن يزيد قال: التقدير:


(١) انظر تيسير الداني ٦٩.

(٢) أبان بن تغلب الربعي الكوفي النحوي، قرأ على عاصم (ت ١٤١ هـ)، ترجمته في (مشاهير علماء الأمصار لابن حبان ١٦٤، وغاية النهاية لابن الجزري ١/ ٤).

(٣) الشاهد لعمرو بن معدي كرب في ديوانه ص ٦٣، وخزانة الأدب ٩/ ١٢٤، والدرر ٥/ ١٨٦، وشرح شواهد المغني ص ٧٢٧، والكتاب ١/ ٧٢، ومغني اللبيب ص ٣١٥، ولخفاف بن ندبة في ديوانه ص ١٢٦، وللعباس بن مرداس في ديوانه ص ١٣١، ولأعشى طرود في المؤتلف والمختلف ص ١٧، وهو لأحد الأربعة السابقين أو لزرعة بن خفاف في خزانة الأدب ١/ ٣٣٩، ولخفاف بن ندبة أو للعباس بن مرداس في شرح أبيات سيبويه ١/ ٢٥٠، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤/ ١٦، وشرح شذور الذهب ٤٧٧، وشرح المفصّل ٨/ ٥٠ وكتاب اللامات ص ١٣٩، والمحتسب ١/ ٥١، والمقتضب ٢/ ٣٦.

(٤) انظر معاني الفراء ١/ ١٥٠.