إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(62) شرح إعراب سورة الجمعة

صفحة 281 - الجزء 4

  فعل. قال أبو جعفر: إلّا أن الجازم عند الجميع لم ولذلك حذفت النون. {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ومن أسكن الهاء قال: الضمة ثقيلة وقد اتصل الكلام بما قبله.

  {ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٤}

  {ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ} أي ذلك الذي أعطيه هؤلاء تفضل من الله جلّ وعزّ يؤتيه من يشاء. {وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} أي لا يذمّ في صرف من صرفه عنه، لأنه لم يمنعه حقّا له قبله ولا ظلمه بمنعه إياه ولكنه علم أن غيره أولى به منه فصرفه إليه.

  {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٥}

  {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ} أي حملوا القيام بها والانتهاء إلى ما فيها. {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها} أي لم يفعلوا ذلك {كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً} «يحمل» في موضع نصب على الحال أي حاملا فإن قيل: فكيف جاز هذا ولا يقال: جاءني غلام هند مسرعة؟ فالجواب أنّ المعنى مثلهم مثل الّذين حملوا التوراة، وزعم الكوفيون أنّ يحمل صلة للحمار، لأنه بمنزلة النكرة وهم يسمون نعت النكرة صلة ثمّ نقضوا هذا فقالوا: المعنى كمثل الحمار حاملا أسفارا. {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ} أي هذا المثل ثم حذف هذا، لأنه قد تقدم ذكره. {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} المعنى لا يوفقّهم ولا يرشدهم إذ كان في علمه أنّهم لا يؤمنون، وقيل: لا يهديهم إلى الثواب.

  {قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ٦}

  {قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا} يقال: هاد يهود إذا تاب وإذا رجع. {إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ} أي سواكم {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي إن كنتم صادقين أنكم أولياء فإنه لا يعذّب أولياءه فتمنّوه لتستريحوا من كرب الدنيا وهمّها وغمّها وتصيروا إلى روح الجنة.

  {وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ٧}

  {وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً} فكان حقا كما قال جلّ وعزّ وكفّوا عن ذلك. {بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} أي من الآثام. {وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} أي ذو علم بمن ظلم نفسه فأوبقها وأهلكها بالكفر.

  {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٨}