(63) شرح إعراب سورة المنافقين
  يعطي أحد أحدا شيئا إلا بإذنه ولا يمنعه إلا بمشيئته. {وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ} أن ذلك كذا، فلهذا يقولون: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضوا.
  {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ٨}
  {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ} وحكى الكسائي والفرّاء(١) أنه يقرأ لنخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ(٢) بالنون وأن ذلك بمعنى لنخرجنّ الأعز منها ذليلا، وحكى الفرّاء: ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، بمعنى ذليلا أيضا وأكثر النحويين لا يجيز أن تكون الحال بالألف واللام غير أن يونس أجاز: مررت به المسكين، وحكى سيبويه(٣): دخلوا الأوّل فالأوّل، وهي أشياء لا يجوز أن يحمل القرآن عليها إلّا أن علي بن سليمان قال: يجوز أن يكون ليخرجنّ» تعمل عمل لتكونن فيكون خبره معرفة، والأعز والعزيز واحد أي القوي الأمين المنيع كما قال: [الطويل]
  ٤٨٧ - إذا ابتدر القوم السّلاح وجدتني ... عزيزا إذا بلّت بقائمة يدي(٤)
  ويروى «منيعا» والمعنى واحد. {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} أي فكذلك قالوا هذا.
  {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ٩}
  أي لا توجب لكم اللهو كأنّه من ألهيته فلهي، كما قال: [الطويل]
  ٤٨٨ - ومثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول(٥)
  {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} أي المغبونون الرحمة والثواب.
  {وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ١٠}
  {وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ} قيل: دلّ بهذا على أنه لا يقال رزقه الله جلّ وعزّ إلّا
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ١٦٠.
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ٢٧٠.
(٣) انظر الكتاب ١/ ٤٦٦.
(٤) الشاهد لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٣٨، وكتاب العين ٨/ ٣١٩، وتاج العروس (بلل) وأساس البلاغة (بلل).
(٥) مرّ الشاهد رقم (٣٨٥).