(66) شرح إعراب سورة التحريم
  مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً} فكانت الفائدة في هذا أنه لا ينفع أحدا إيمان أحد ولا طاعة أحد بنسب ولا غيره إذا كان عاصيا الله جلّ وعزّ كما قال رسول الله ﷺ لعمته صفية: «إني لا أغني عنكم من الله شيئا»(١) وكذا قال لفاطمة ^ {وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} ولم يقل: مع الداخلات؛ لأن المعنى مع القوم الداخلين.
  {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ١١}
  فلم يضرها كفر فرعون شيئا، والأصل «ربّي» حذفت الياء لأن النداء موضع حذف وإثباتها وفتحها جائز.
  {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ ١٢}
  {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ} عطف أي وضرب الله للذين آمنوا مثلا مريم {ابْنَتَ} من نعتها، وإن شئت على البدل. يقال: ابنة وبنت. {الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا} الهاء تعود على الفرج. قال أبو جعفر: قد ذكرنا في معناه قولين: أحدهما أنه جيبها، والآخر أنه الفرج بعينه. والحجّة لمن قال: إنه الفرج بعينه «استعمال العرب» أحصنت فرجها على هذا النعت. والحجّة لمن قال: هو جيبها أن معنى «أحصنت فرجها» منعت جيبها حتّى {قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}[مريم: ٨١]، و {مِنْ رُوحِنا} فيه قولان: أحدهما من الروح الذي لنا والذي نملكه، كما يقال: بيت الله، والآخر من روحنا من جبرائيل ﷺ. قال جلّ ثناؤه {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}[الشعراء: ١٩٣]. {وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ}(٢) من وحّده قال: لأنه مصدر، ومن جمعه جعله على اختلاف الأجناس {وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ} أي من القوم القانتين، أقيمت الصفة مقام الموصوف.
(١) أخرجه الدارمي في سننه ٢/ ٣٠٥.
(٢) انظر تيسير الداني ١٧٢.