إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(67) شرح إعراب سورة الملك

صفحة 308 - الجزء 4

  وليس قبله فانظر ولكنّ قبله ما يدلّ عليه وهو {ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ} في موضع نصب.

  {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ ٤}

  {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} بمعنى المصدر أو الظرف ينقلب⁣(⁣١) إليك البصر جواب الأمر. {خاسِئاً} نصب على الحال. {وَهُوَ حَسِيرٌ} مبتدأ وخبره في موضع نصب على الحال.

  {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِير ٥}

  {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ} على لغة من قال مصباح {وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ} يكون «رجوما» مصدر يرجم، ويجوز أن يكون جمع راجم على قول من قال: النجوم هي التي يرجم بها، والقول الآخر على قول من قال: إنّ النجوم لا تزول من مكانها وإنما يرجم بالشهب {وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ} أي مع ذلك.

  {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٦}

  {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ} رفع بالابتداء، وحكى هارون عن أسيد أنه قرأ {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ}⁣(⁣٢) عطفه على الأول. {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ربع ببئس.

  {إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ ٧ تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ٨}

  {إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً} أي صوتا مثل الشهيق {تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} الأصل تتميز. قال الفرّاء⁣(⁣٣): أي تقطّع. {كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ} نصب على الظرف بمعنى إذا {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} أي قالوا لهم.

  {قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ٩}

  {نَذِيرٌ} بمعنى منذر. {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} «إن» بمعنى ما.

  {وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ ١٠}


(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٢٩٣ (قرأ الجمهور «ينقلب» جزما على جواب الأمر، والخوارزمي عن الكسائي برفع الباء أي فينقلب على حذف الفاء أو على أنه موضع حال مقدّرة).

(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ٢٩٤.

(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ١٧٠.