(76) شرح إعراب سورة هل أتى [الإنسان]
  يشرب بها وجهان: قال الفراء(١): يشرب بها ويشربها واحد. قال أبو جعفر: وأحسن من هذا أن يكون المعنى يروى بها. وقد ذكرته {يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً} مصدر. ويروى أن أحدهم إذا أراد أن ينفجر له الماء شق ذلك الموضع بعود يجري فيه الماء.
  {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ٧}
  {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ} وهو كل ما وجب على الإنسان أن يفعله نذره أو لم ينذره، قال جلّ وعزّ: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}[الحج: ٢٩]. قال عنترة: [الكامل]
  ٥١٤ - الشّاتمي عرضي ولم أشتمهما ... والنّاذرين إذا لم القهما دمي(٢)
  وقول الفراء(٣): كان فيه إضمار «كان» أي كانوا يوفون بالنذر في الدنيا، وكذا {يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً}.
  {وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ٨}
  اختلف العلماء في الأسير هاهنا، فقال بعضهم: هو من أهل الحرب؛ لأنه لم يكن في ذلك الوقت أسير إلّا منهم، وقال بعضهم: هو لأهل الحرب وللمسلمين، وهذا أولى بعموم الآية فلا يقع فيها خصوص إلا بدليل قاطع فيكون لمن كان في ذلك الوقت ولمن بعد، كما كان {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}.
  {إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ٩}
  {إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ} أي يقولون لا نريد منكم جزاء ولا شكورا يكون جمع شكر، ويكون مصدرا.
  {إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ١٠}
  قال الفراء: القمطرير والقماطر الشديد وأنشد: [الطويل]
  ٥١٥ - بني عمّنا هل تذكرون بلاءنا ... عليكم إذا ما كان يوم قماطر(٤) (٥)
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢١٥.
(٢) الشاهد لعنترة في ديوانه ٢٢٢، والأغاني ٩/ ٢١٢، وشرح التصريح ٢/ ٦٩، والشعر والشعراء ١/ ٢٥٩، والمقاصد النحوية ٣/ ٥٥١، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣/ ٢٢٥، وشرح الأشموني ٢/ ٣٠٩.
(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٢١٦.
(٤) الشاهد بلا نسبة في لسان العرب (قمطر)، وتاج العروس (قمطر)، وديوان الأدب ٢/ ٥٧، ومعاني الفراء ٣/ ٢١٦، وتفسير الطبري ٢٩/ ٢١.
(٥) انظر البحر المحيط ٨/ ٣٨٨.